التعليم عندما يتركه أهله جامداً لفترة طويلة -في الوقت الذي يمر العالم من حولهم بتطورات نوعية- فإنه سيقودهم حتماً إلى التخلف عن ركب العالم المتقدم. عندما اكتشفت نخب الولايات المتحدة في وقت من الأوقات أن بلادهم لم تحقق طموحها صبت جام غضبها وحنقها على نظامها التعليمي السائد آنذاك، وشرعت حينها في صياغة نظام تعليمي جديد بمعايير جديدة، لقد اكتشفوا بعد ردحاً من الزمن أن تعليمهم قادهم إلى الهاوية (بحسب تعبيرهم) بسبب سكوتهم عنه خلال هذه الفترة الطويلة، ودون محاولة جادة منهم لإصلاحه وتعديل مساره. عندئذ تدخلت الحكومة الأمريكية ممثلة في نخبها التربوية وقياداتها السياسية والاقتصادية والإعلامية في إعادة تشكيل وصياغة نظامها التعليمي، ثم آمنوا أن تعليمهم يجب أن يكون هو الحصان الذي يجر العربة الأمريكية إلى حيث الحلم والأمل الذي يتطلعون إليه.
أما في بلادنا المملكة العربية السعودية فقد شرعنا في بداية الألفية الثالثة -مع انطلاقة الحوار الوطني وظهور هامش جديد من الحرية - في مناقشة وطرح أفكار كنا نعتقد أنها من الثوابت التي لا تقبل الجدل، اكتشفنا حينها أن في تعليمنا (بلاوي) صنعناها بأيدينا دون وعي من النخب وصناع القرار. شرعنا في حينها في إجراء بعض الإصلاحات على تعليمنا لكي نواكب العالم الجديد دون محاولة منا لتضخيم كتلة الثوابت والمسلمات، بقي الآن أن نستمر في صناعة تعليم نوعي يقودنا لمواكبة متغيرات عصرنا ليجعل منا نمر آسيوي جديد له قيمه ومبادئه السامية التي يفخر بها.