الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد :-
بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك وما يوليه المسلمون قاطبة من أهمِّيَّة كبيرة لهذه المناسبة السنوية وهذه الشعيرة العظيمة وليس الهدف من هذه المناسبة أداء فريضة صلاة العيد وتبادل التهاني والتبريكات فحسب لأن جميع العبادات في الإسلام لها غايات ولها حكم وأحكام حيث إن العيد له منافع كثيرة منافع روحية ومنافع دنيوية ومنافع أخروية ومن المنافع الدينية اجتماع المسلم بإخوانه المسلمين صباح ذلك اليوم لتأدية صلاة العيد في كافة أنحاء المعمورة وتناول وجبة العيد في المنازل وفي الميادين على مختلف عاداتهم وتقاليدهم ولغاتهم وأشكالهم، فهذه الأمور تدل دلالة واضحة على عزة الإسلام وقوته ووحدته بين كافة المسلمين قاطبة فقد لا مست هذه الأمور الهادفة والعبارات الجميلة شغف القلوب المؤمنة واستجابت معها العواطف.
والأمر الأساسي من تلك المناسبة إشعار المسلم بأنه عضو فاعل في هذا المجتمع الكبير وهو الإسلام ومن دروس هذه المناسبة التربوية تذكير الفرد المسلم بأن التقارب والتآلف والتآخي والترابط ونبذ الخلافات بشتى صورها وأنواعها في هذه الأيام المباركة السعيدة شيء جميل، فالعيد يغرس في النفوس المؤمنة على حد سواء وحدة الأمة دون تمييز بين هذا وذاك، الكل سواسية وقد امتلأ قلب المرء إيماناً وقوة ويقيناً بعد هذا الشهر المبارك، وقد عاد إلى مجتمعه صافي الذهن صافي الفكر صافي النفس وقد تغيرت عاداته وأقواله وأعماله وأفعاله التي كان عليها في السابق، وقد رجع وكأنما خُلِقَ خلقاً جديداً، فالصيام عبادة عميقة الأثر في حياة المسلم حين يعيشه، كما كانت تعيشه الأجيال الأولى التي مارست تلك العبادة بمعناها الشامل العميق.
إنه عبادة تشمل في طياتها كل العبادات بتركيز واضح على عبادة التوحيد بالذات...إنه إخلاص وتجرد إلى الله .. تجرد من كل ما تتعلق به النفس في الحياة الدنيا من مأكل ومشرب وقيل وقال... تجرد من ذلك كله إلى الله وحده، ومن هذا يتدرب المسلم على حياة الانضباط، فيتعود على ألا يؤذي أحداً بلسانه أو يده وأن يتجنب العنف وأن يعيش مسالماً بين إخوانه المسلمين...في هذه الأيام السعيدة من عيد الفطر المبارك...بعيداً كل البعد عن الأشياء البراقة التي يتفاخر بها الناس في تلك الأيام ولا يحتقر إنساناً أو يعظم آخر، الكل سواسية وهذه المناسبة العظيمة تنطوي على معان ترمز إليها وحدة الأمة الإسلامية قاطبة نبذ الخلافات بين المسلمين بشتى أنواعها وصورها.
ترابط المسلمين فيما بينهم تحت دين واحد وعقيدة واحدة . فالإسلام مدرسة تربوية عظيمة يرتفع بها المسلم إلى آفاق أرقى وأعلى...
يتعلم بها بذل الجهد والصبر... ويتعلم بها أن يعيش في عبادة دائمة...ويتعلم بها أن يكون لطيفاً مع إخوانه المؤمنين رحيماً بهم...ويتعلم بها كبح جماح عواطفه، وإلجام نزواته...
ويتعلم بها دروس العبادة لله... ويتعلم بها كيف ينفق في سبيل الله دون مقابل...ويتعلم بها كيف يعظم ما عظمه الله...إنها دروس تربوية سامية ولكنها في حساب النفس البشرية حدث هائل عميق فيه بُعدٌ تربوي سامٍ، وأصل إسلامي متجذر، وخلق اجتماعي رفيع يتمثل في إتاحة الفرصة للجميع في تبادل عبارات المحبة والمودة والأخوة الصادقة...فهذه دروس تربوية للمسلم في عدم الخوض فيما لا طائل منه ولا فائدة من ورائه، فيجب الاشتغال بما يناسب هذه المناسبة العظيمة والإعراض عن الدنيا وزخارفها والترفع عن السلوكيات التي لا تليق بالمسلم الحق والصلة الدائمة بالله عزَّ وجلَّ والبعد عن اللهو والعبث والخصام والمحاولة حتى تكتمل صورة هذه المناسبة العظيمة.
فتكون مشرفة بالطاعة مضيئة بذكر الله سبحانه وتعالى. وهذا بدورها ينعكس على تربية المسلم، فالواجب على كل منا أن يكون عضواً فاعلاً في مجتمعه الكبير على شتى ألوانه وغاياته حتى يعيد لأمته مجدها وسيادتها وقيادتها للعالم .
وختاماً أرفع عبارات التهاني وأزكى عبارات الاماني إلى قائد مسيرتنا وباني نهضتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود- حفظه الله ورعاه وسدد على درب الخير خطاه- وإلى صاحب السمو الملكي الأمير - سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
وإلى صاحب السمو الملكي الأمير - مقرن بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين وإلى الأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي النبيل سائلا المولى عز وجل أن يعيده على بلادنا الغالية والأمتين الاسلامية والعربية باليمن والبركات إنه سميع مجيب.