أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح آل طالب المسلمين بتقوى الله - عز وجل - والعمل على طاعته واجتناب نواهيه. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس في المسجد الحرام إن فلسطين السليبة والقدس الأسير والشعب المضام بين أهله وإخوانه كلها عناوين للعجز العربي وساحة للمتاجرة السياسية وإرهاب الدولة الذي يمارسه الكيان المحتل، ومهما حاولت الدول التي غرسته وراعته تبرير جرائمه والتستر على مجازره فإن الغطاء لا بد أن ينكشف، والتعتيم لا بد له من مدى ينتهي إليه. وأضاف قائلاً: «ولئن ساءنا ما سقط من ضحايا وآلمنا ما شُرد من أسر ورُوع الكثير من أناس، ومع اختلاف الخلق حول الأسباب، فإن الأمل المضيء في ليل الاعتداء الحالك تمثل في جوانب كثيرة، منها تفهم كثير من شعوب الأرض إجرام الغاصب المحتل ودموية المعتدي الآثم وشناعة القاتل الغادر». وأوضح فضيلته أن التعتيم على جرائم المجرمين في حق الفلسطينيين وفلسطين هو اللحاف الذي طالما يتستر به العدو، فقد انكشف وانكشفت معه سوءات كثيرة، انكشف معه من كان يستره ويبرر جرائمه واحتلاله.. مستشهداً بقوله تعالى {ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً}، فلم يحققوا سوى قتل الأطفال والمدنيين وهدم المساجد والمنازل ومجازر جماعية لا تستثني أحداً وجرائم حرب ضد الإنسانية دون وازع أخلاقي أو إنساني.. وكل ذلك تحت سمع المجتمع الدولي وبصره وكل مؤسساته ومنظماته الصامتة المتخاذلة. وكشف إمام وخطيب المسجد الحرام عن أن المواجهة الأخيرة على أرض غزة رغم تكرر مثيلاتها إلا أن الجديد فيها هو أن ميزان القوة قد مال قليلاً لصالح المظلومين على وجه لم يسبق أن حدث مثله في كل المواجهات السابقة؛ ما يبشر بتغيرات أكثر ندية في مواجهة المحتل الظالم، وخصوصاً مع التغيرات الطارئة في المنطقة التي رغم سوء بعضها وضبابية البعض الآخر إلا أن الشرر لا بد أن يطول ظالماً طال ظلمه ومعتدياً استمر في القتل والتهجير. فرحم الله شهداء فلسطين، وشفى جراحهم، وعوضهم في أموالهم وبيوتهم، ووفقهم لقيادة صالحة ناصحة. وشكر إمام وخطيب المسجد الحرام شعوباً لم يجمعها مع الفلسطينيين لسان ولا دين، اتخذت مواقف مشكورة من الاعتداء الأخير، ولا عزاء للمخذولين، مستشهداً بقوله تعالى {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}. وفي المدينة المنورة تحدَّث إمام خطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ عبدالباري الثيتي في خطبة الجمعة أمس عن العِشرة وأحوالها بين المسلمين، وقال: «إن أولى الناس بحسن العِشرة هم الوالدان؛ فحقهما مؤكد، وفضلهما محقق. وحسن عشرتهما يكون ببرهما والإحسان إليهما وخدمتهما والدعاء لهما أحياء وأموات. قال عليه الصلاة والسلام (إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَة الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيه). وأوضح أن حسن العشرة بين الإخوة والأخوات يكون بإحسان بعضهم إلى بعض، والأدب بالقول والعمل، فالصغير يحترم الكبير، والكبير يرحم الصغير؛ حتى تكون المحبة، وتزداد المودة، وتظهر الألفة، وتظللهم السعادة. مشيراً إلى أن حُسن العِشرة مع الأرحام والأقارب يكون بقضاء حوائجهم والقيام بشؤونهم وتفقد أمورهم وزيارتهم.. مستشهدًا بقول الله تعالى {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْر ٍفَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْن ِالسَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّه بِه عَلِيمٌ}. وأكد فضيلته أهمية حُسن العِشرة للزوجة بطيب القول، وحسن الفعل، والتلطف معها، وتوسيع النفقة، ولين الجانب، وتلبية الرغبات النفسية والعاطفية، وإدخال السرور، مستشهداً بقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. وقال: إن على الزوجة حُسن عِشرة الزوج باللطف واللين والصبر على ما قد يكون منه، وإكرام أولاده، وتربيتهم، وذكر الزوج بالخير والثناء عليه، وحفظ حق أمه ورعايتها.
وأوصى الشيخ الثبيتي بحُسن عِشرة الجار بالإحسان إليه وتفقد أحواله وحفظ سره وكف الأذى عنه وعدم انتهاك حرماته.. مستشهداً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه».
وحُسن عِشرة المساكين الضعفاء ببذل المال والصدقة وتخفيف المصاب عنهم وصونهم عن السؤال وسدة جوعتهم وحاجتهم.
وبيّن فضيلته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حث على إكرام المسنين وحُسن عشرتهم بإكرامهم ورعايتهم صحياً ونفسياً واجتماعياً واقتصادياً، وتقديم الأكبر والإنصات إليه، مستشهداً بقوله عليه الصلاة والسلام: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم».
وقال: إن للعلماء حقاً على الناس، وإن حُسن معاشرتهم هو هدى الإسلام بحسن الاستماع لهم وتقديرهم واحترامهم ومجالستهم.
مشيراً إلى أهمية حسن العشرة مع السلطان بالطاعة في غير معصية الله، والدعاء له في الغيب أن يصلحه الله تعالى ويصلح على يديه أمور العباد والبلاد. ولفت إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف النظر إلى أن العشرة تدوم بالبُعد عن الخصومة، وتقديم الصلح على الجفاء.