في قديم الزمان، وفي بلاد الصين، كان هناك معلّم يقوم على تعليم مجموعة من الطلبة، الذين يقومون على تنفيذ أوامر المعلم بحذافيرها، ويبذلون أقصى ما يستطيعون في سبيل إرضاء معلمهم، ولا يظهرون ما يزعجه منهم.. فكانوا يقومون بتأدية الصلاة الخاصة في موعدها، ويلتزمون بأوامر المعلم دون خمول إلا طالباً واحداً فقط، كانت فيه عادة سيئة، ألا وهي شرب الخمر بكثرة.
مع مرور السنوات كَبُر المعلم في العمر حتى حانت منيته، وبدأ يحتضر، وبدأ طلابه يتساءلون عن خليفة المعلم، ومن سيختار ليقود المجموعة من بعده، ومن هو الشخص الذي سيختاره ليكشف له أسرار العلم الخفية، التي لا يعلمها من البشر إلا هو.
وفي ليلة موت المعلم طلب من طلابه أن يحضروا له الطالب الذي يشرب الخمر.. فتعجب الطلاب، وصاروا يلتفتون إلى بعضهم بدهشة.
دخل الطالب الذي يشرب الخمر على معلمه مع بقاء بقية الطلاب في الخارج.. فكشف المعلم أسرار العلم الخفية لهذا الطالب معلناً إياه خليفة له.
ثار بقية الطلاب عند سماعهم هذا النبأ، وكشفوا عن انزعاجهم قائلين: «بعد كل التضحية التي ضحينا بها طوال هذه السنوات، وفي النهاية يختار أسوأ طالب ليقودنا من بعده.. يبدو أننا ضحينا في سبيل المعلم الخطأ، الذي لا يستطيع أن يرى مميزاتنا وتفوقنا».
حينها قال المعلم: «كان علي أن أكشف أسرار العلم الخفية إلى طالب أعرفه جيداً.. أنتم كلكم متفوقون، وتظهرون أفضل ما تملكون، وتظهرون أيضاً مميزاتكم، محاولين إخفاء عيوبكم على الدوام.. إظهار الفضيلة هي الطريقة المثلى لإخفاء السيئة.. لكن هذا الطالب (مشيراً إلى الطالب الذي يشرب الخمر) هو الوحيد الذي لم يستطع أن يخفي سيئته الوحيدة، وكان واضحاً؛ لهذا أنا أعرفه جيداً.. أما أنتم فقد تملكون صفات سيئة أكثر من هذا الطالب؛ لأنكم تظهرون محاسنكم على الدوام، ولم تجرؤوا على بيان سيئاتكم.. لذلك أنا اخترت الشخص الذي أعرفه جيداً».
تذكر دائماً: «ليس كل صاحب عيب سيئاً فربما من أخفى عيوبه كان أكثر سوءاً».