يعرف ذوو الاختصاص الابتزاز: بأنه القيام بالتهديد بكشف معلومات معينة عن الشخص المهدد إن لم يستجب لبعض الطلبات. وقد عرف الابتزاز منذ القدم، ولعله الآن أكثر حدة وانتشاراً، وهو على المرأة يظهر بشكل أكبر لضعفها وحاجتها لمن يحميها. وقد تنامى وكثر مع وجود وسائل الاتصالات الحديثة.
«الجزيرة» طرحت القضية على مجموعة من الأكاديميات المتخصصات في العلوم الشرعية بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بالرياض ليتحدثن عن ذلك، وليكشفن الطريقة المثلى لوقف ابتزاز المرأة خصوصاً في المجتمع المسلم.
وحل ومصيدة الابتزاز
بداية تؤكد الدكتورة مي بنت فوزان المسفر الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الإسلامية أن هناك عدة عوامل قد توقع المرأة في وحل ومصيدة الابتزاز منها ابتداءً ضعف الوازع الديني، وولوج المرأة في ما لا يحسن دخولها فيه، وإساءة استخدام التقنية مع غياب المتابعة، وربما قاد المرأة إلى ذلك ما يحيطها من ظروف اجتماعية سيئة، وضعف شخصيتها نتيجة ضعف التربية، فتكون جدارا قصيرا يسهل تجاوزه.
ولحماية المرأة من ذلك لا بد أن نبدأ بعلاج الأسباب السابقة من حيث العناية بتربية الفتاة تربية دينية، وبناء شخصيتها على أسس قوية تبدأ من فهم وتقبل الذات. ومع ذلك فعين الرقيب يجب ألا تنام إذ إن الثورة التقنية زادت مسؤوليات المربي من حيث النوعية والمدة فلم تعد الفتاة الجامعية مثلا غير محتاجة إلى المتابعة والتوجيه من قبل الأهل.
وعلى المؤسسات الحكومية أيضاً أن تقوم بدورها توعية وتوجيها لدعم جهود الأهل وإكمال المسيرة من ناحية، ولرقع ما يظهر من قصور وخلل في التربية من ناحية أخرى.
وقد تقدمت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشكورة ببادرة الحماية من الابتزاز وسهلت الطريق للتبليغ مع حسن التصرف في إدارة المشكلة، ولتكتمل الحلقة فعلى كل فرد في المجتمع أن يستشعر المسؤولية ويمد يد العون لمن يحتاجه وألا ننظر إلى من وقعت تحت الابتزاز بأنها مذنبة ومنبوذة، وأن نعمل بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي قال فيه: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال: رجل يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنصره إذ كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟! قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره) رواه البخاري.
المرأة كل المجتمع
أما الدكتورة منيرة بنت عبدالله الحبيب أستاذ التفسير وعلوم القرآن فقالت : الحديث عن المرأة حديث يتعلق بأهم أركان المجتمع المسلم حيث إنها نصفه بل هي صانعة المجتمع، وتلد النصف الثاني الذي هو الرجل فتكون بذلك هي كل المجتمع هي الأم والأخت والابنة والزوجة الحبيبة والسكن جعل لها الإسلام حقوقا حسب مرتبتها فلها الطاعة أماً والشفقة بنتاً وأختاً والمعاشرة الحسنة زوجة.
هذه الدرة المصونة قد تتعرض للابتزاز في عرضها أو مالها إما لسذاجتها أو لتفريطها في صيانة نفسها فيبتزها الرجل طمعا في عرضها وعفتها ومالها فيمارس عليها ضغوطا فيجعلها تحاول دفع الأذى عن نفسها بأي ثمن خوفاً من العار فقد تدفع الأموال ولا يجدي ذلك!
إن أفضل الطرق لوقف الابتزاز للمرأة المسلمة هو ما تقوم به المرأة نفسها من تجنب مواطن الشبهة والاختلاط وعدم التبسط في الحديث مع الرجال الأجانب والاحتياط عند لقاء الغرباء بعدم الكلام قبل معرفة الشخص الذي أمامها، وكذلك تفريط المرأة وتسهلها في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وعدم الحيطة في تصوير نفسها في أي مناسبة.
وكل ذلك مرجعه إلى ضعف الوازع الديني عند المرأة فلا تحرض على نفسها وتتساهل فيقع الابتزاز، وكذلك على المرأة عند التعرض للابتزاز المسارعة إلى الاستعانة بأقرب شخص لديها أو إبلاغ الجهات المختصة خاصة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذين لا يخفى مالهم من جهود في حفظ أعراض المسلمين.
أما ما يقوم به المسؤولون عليهم مراقبة الأسواق وتشديد العقوبة على من يتعرض لنساء المسلمين وعدم التهاون في اختلاط النساء بالرجال وضبط ذلك وتشجيع رجال الهيئة في أعمالهم.
طرق مثلى
وتشير الدكتورة خلود بنت عبدالله الجماز أستاذ التفسير المساعد إلى أن هناك طرقا مثلى كثيرة لوقف ابتزاز المرأة في المجتمع المسلم ومن تلك الطرق وقف التوظيف المختلط.. حتى يقفل كل باب يدخل من خلاله ضعاف الإيمان والنفوس لابتزاز المرأة، والتقليل قدر الإمكان من مخاطبة الرجال وعدم الخضوع في القول حتى لا تقع المرأة فريسة للمعاكسات، وبالتالي تبتز من خلالها قال تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (32 سورة الأحزاب)، وكذلك القرار في البيت وعدم الخروج بلا حاجة وعدم التبرج والسفور قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (33 سورة الأحزاب)، وتوعية المرأة بحقوقها ومالها أو عليها يقلل من ابتزازها من قبل المقربين لها وعلى الجهات الحكومية خاصة وزارة التربية والتعليم والمحاكم وتوعية المجتمع بذلك، وتفعيل مكاتب المحاماة النسائية والاستشارات القانونية والشرعية مما يسهم في توعية المرأة وتعريفها بحقوقها الشرعية، وعدم الدخول في المواقع غير المعروفة والمشبوهة في الشبكة العنكبوتية، وعدم نشر الصور الشخصية في وسائل الاتصال المتنوعة سواء كان في الجوال أو الإيميل أو الفيس بوك أو الانستقرام أو توتير وغيرها.. وكذلك عدم تبادل الصور الشخصية مع الصديقات حتى لو كانت درجة الثقة بهن مرتفعة.. حتى لا تستغل من قبل ضعاف النفوس، مع الضرب بيد من حديد على من يبتز المرأة بالغرامة المالية والسجن والتشهير بالرجال وإيقاع العقوبات الرادعة للحد من تفشي هذه الظاهرة في المجتمع. وتكثيف الحملات التوعوية والتوجيهات الإرشادية والأنشطة المكثفة والمستمرة من قبل وزارة الإعلام ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ووزارة التربية والتعليم للتوعية العامة في المجتمع، تفعيل الجانب الوقائي والإصلاحي من خلال الأجهزة الرسمية والإفادة من روافد التربية والتعليم والإعلام والمساجد وغيرها. تقديم دورات خاصة ومجانية للاستفادة من التقنية الحديثة في حفظ الأعراض، وعدم قبول الصداقات العامة أو الانخداع بالكلام المعسول أو الوعود المخملية بالزواج وتحكيم العقل قبل العاطفة، وعدم وضع الصور والبيانات على الهاتف أو مواقع الدردشة، والتوعية الدائمة والمتابعة المستمرة لأفراد الأسرة وخاصة الفتيات وملاحظة أي تغيرات غير طبيعية فيالسلوك، وأنه حتى لو وقعت المرأة فريسة وحاول ذئب ابتزازها فعليها عدم الانصياع أو الخوف أو الاستسلام ؛ بل اللجوء إلى كبير العائلة من أبٍ حكيم أو أخٍ عاقل،فإن تعذر فهناك هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد وضعت أرقاماً خاصة لاستقبال حالات الابتزاز وعلاجها بكل سرية.. وقصص كثيرة لفتيات كنّ فريسة للابتزاز وبفضل الله ثم الهيئة نجحت في التصدي لهم وحمايتهن والستر عليهن.