هيأ الله للمهمات رجالاً يتحملون مسؤولياتها، ويكونون في مقدمة من يسهم في معالجتها وتجاوز أزماتها وهذا من فضل الله ومنته على هذه الأمة الإسلامية عموماً وعلى وطن الإسلام ومأرز الإيمان وطننا الغالي المملكة العربية السعودية، حيث رجل الحكمة والحنكة والمواقف المؤثرة في المشهد الدولي، حينما يتحدث فإن لحديثه أثر السحر، وتأثير القرار، كيف لا وهو حكيم العرب، وعراب الحكمة -أيده الله- فقد اعتدنا منه -أيده الله- وهو رجل المهمات، وبطل السلام، وملك الإنسانية وراعي المبادرات النوعية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله- أن يتجاوز موقف المملكة أحاديث الاستنكار وردود الأفعال إلى الالتفاف والاجتماع والتعاون على ما يخدم قضايا الأمة العربية والإسلامية، وها هو -أيده الله- عندما ادلهمت الخطوب، ومرت و لا تزال تمر بالعالم أوقات في غاية الحساسية, بلغت فيه الفتن والمهددات ذروتها, وصارت الدول على طرف الزناد, مهددة بالطائفية والتشظي, والحروب والفساد والدمار في وضع مأساوي لا نشكوه إلا إلى من بيده جمع القلوب, وتأليف الأفئدة, وفي ظل تحركات ومتغيرات تمر بالمنطقة لا يمكن التعامل معها إلا بعمل استثنائي يحرك مكامن الوجدان, ويعتمد زمام المسؤولية الكبرى, ويتجه إلى صناع القرار ومن جعل الله قدرهم ومسؤوليتهم أن يتحملوا أمانة هذه الدول ومسؤوليتها في هذه الحقبة، ليكون منهم ما يجعله الله سببًا في زوال الكربة واجتماع الكلمة وائتلاف الصف، وكشف العدو، وبيانه للعالم أجمع، تحدث بكلمته التأريخية التي لامست شغاف القلوب، وحركت المشاعر، وأعذرت وأوقفت العالم أجمع على مكامن الخطر ومواطن الخلل، ومنبع الفتنة في هذه الأحداث مبينًا للعالم أجمع أسباب المشكلة، وطرق الحل، وذلك حينما ضربت الفتنة أطنابها، وتكاثرت الأزمات والخطوب، وأصبح البعض ينسبون إلى الإسلام أفعالاً هو منها براء، وروجوا في سبيل ذلك مصطلحات أرادوا بها تشويه صورته الصافية النقية، مدّعين بذلك الدفاع عن الإسلام وحقوق المسلمين، وهم أبعد ما يكون من ذلك، فتراهم يقفون مع كل من يروم خلخلة وحدة بلاد المسلمين، وإحداث الفتن فيها، حتى جاء ذلك الخطاب الملكي من ملك الحكمة والإنسانية -أيده الله- وتلك الكلمات التي لا تستغرب منه في مثل هذه الأزمات، فإن من المسلمات في قضايا الأمة المصيرية أن تجعل فرصة للمراجعة والمحاسبة, والتأني والتدقيق في المسار, وإصابة اهدف بتلمس مواطن العلل, وسماع الحق ولو كان مرًّا, وتقبل النصح ولو كان مؤلمًّا, وديننا مبناه على النصيحة بمعناها الشامل, نصيحة لله في دينه وكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم كما صح الخبر بذلك عن المعصوم, وقد عالج هذا الخطاب الحكيم من ملك الحكمة والإنسانية قضية من القضايا التي أقضت المضاجع, وآلمت النفوس, وأثارت المكنون, نتج عنها ما يتسامع الناس به في منظومة الدول من جماعات ومنظمات قدمت نفسها على أنها المدافع عن الإسلام والمطالب بخلافة المسلمين، بل وأعلنت ذلك في تصرفات منكرة ألبست زوراً وبهتاناً لبوس الإسلام ونتج عنها الفساد وقتل الأنفس المعصومة, وإراقة الدماء, وترويع الآمنين, وتخريب يستنزف فيه الأموال والمقدرات, واختزان لوسائل القتل والتدمير، ومع ذلك تلقى دعواتهم وأفكارهم ترويجاً بين الشباب بوسائل التقنية، وشبكات التواصل مما يظهر أن الخطر كبير، وأن منابع هذا الفكر بحاجة إلى مراجعة لتجفيفها وتحصين الشباب خصوصاً وأبناء الوطن عموماً من آثارها.
إن هذا الخطاب العظيم من الرجل العظيم ليحملنا مسؤولية مضاعفة، ويوقفنا على حقائق ودقائق الواقع المؤلم ويضع منهاجاً وخارطة طريق للنظرة المستقبلية لأنه رؤية ذلك الطود الأشم، والقائد الفذ، والفارس العربي الشجاع ملك الإنسانية والمواقف الصعبة، ورجل الأزمات وراعي السلام، النابعة من اطلاعه وحدبه على أمته ووطنه، وعلى أمة الإسلام عموماً ففي الشأن الفلسطيني وأمام الغطرسة الصهيونية، وإرهاب الدول المتمثل في العنف والقتل الذي مارسته دولة يهود بحق العزل مع صمت مطبق من دول العالم، فهذا الصمت المطبق تحقيقاً لمصالح، ومراوغة لأهدف سياسية مع واقع لا يتحمله قلب مؤمن، بل قلب إنسان لا يمكن أن يقر أو يصحح، بل هو حقيقة دعم للإرهاب في أخطر صورة، وهذه الازدواجية في المعايير لا تخدم إلا الظلم والفساد وسينقلب السحر على الساحر، ويكون هؤلاء الصامتون هو أول من يدفع الثمن غالياً.
وفي الشأن الداخلي كانت ولا تزال المملكة العربية السعودية طوال تاريخها ضد الإرهاب كانت واضحة وصريحة منذ بداية ظهور هذه الآفة حيث تصدت له بكل حزم، وقوة وبلا هوادة في الداخل عبر الضربات الاستباقية حيث أصبحت تجربتها رائدة عالميا ومضرب المثل ومدعاة لاستنساخ التجربة من قبل دول عريقة في هذا المجال ولم تتأخر المملكة في تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، حيث أنشأت المركز الدولي لمكافحة الإرهاب ليكون المرجعية للدول في العالم لتبادل المعلومات، ووضع -أيده الله- المجتمع الدولي بكافة منظماته ومؤسساته على مكامن الدواء ومواطن المسؤولية، فهذا الخطاب تضمن مضامين سامية, وأبعاداً مهمة يلزم كل محب لدينه ووطنه, ويهمه أمر الإسلام والوطن أن يقف على مضامينه، كيف لا وقد صدر من رجل حباه الله بجميل الصفات وكريم الخلال، ومواقفه وأفعاله كانت ولا زالت على كافة الأصعدة الداخلية والخارجية، العامة والخاصة مثار الإعجاب من القاصي والداني, والقريب والبعيد، والشقيق والصديق، والمواطن والعربي المسلم في أي بقعة، وعلى أي مكان، لما منحه الله من الهيبة والحكمة والعقل والقدرة على التأثير، فيجتمع في شخصه كل سمات وخصائص التأثير في المتلقي لخطابه، وكانت تلك الكلمات السديدة, والمنهج الفريد بارزًا في السياسة الداخلية والخارجية, وسمةً من سمات التعامل مع قضايا الأمة، وهموم المسلمين في كل مكان وزمان.
ثم إني أقول: إن من حق مليكنا على كل مواطن وكل مسلم أن يلهج بالثناء والدعاء بأن يحفظه الله قائدًا موفقًا، وإمامًا مسددًا، وملكًا ناصرًا لدين الله، قائمًا بمسؤوليته خير قيام، وأن يديم عليه نعمه، ويسبغ عليه فضله، ويكلأه برعاية، ويطيل في عمره، ويمده بالمزيد من الصحة والعون والتوفيق، إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين.. والحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.