صدرت رواية «هروب» للكاتب د. باسم شاهين، عن دار روافد للنشر والتوزيع بالقاهرة مسجّلة مسيرة اغتراب أراد لها صاحبها أن تكون سيرة مفتوحة على مضامين ورسائل إنسانية عميقة وربما صادمة أحياناً.
تحكي الرواية قصة عزّت البنا (أبو العز) الذي طار على أجنحة الأحلام نحو أمكنة بعيدة لكي يخوض معركة الحياة هناك، شأنه شأن ملايين البشر من كل أنحاء هذا العالم. تلحظ الرواية كيف يتناهى الحنين وتكبر الألفة، وتتطور علاقة ملتبسة ومعقدة بين الإنسان والمكان الجديد؛ إذ يكبر الاعتياد فيصير تعلّقاً قهرياً، ثم يتبدى عشقاً من طرف واحد. يحدث هذا بالتزامن مع امتحانات عسيرة وكبيرة يتعرض لها أولئك الذين يخوضون معاركهم في الساحات التي دفعوا أثماناً باهظة للوصول إليها.
في تلك المواقف/ الامتحانات ربما يتضح مدى هشاشة تلك العلاقة، تماماً مثلما تتبدى هشاشة الأشجار الخضراء واليانعة والمتغطرسة إلى أبعد حد عندما تأتي الريح بقوة اندفاعها المفاجئة فتتعرى ثم تهوي كاشفة عن جذور واهنة لا تقوى على إسنادها، عندئذ ربما يكتشف المرء -متأخراً- أنه خسر نصف معركته ابتداء من تلك اللحظة التي جسدت انتصاره الموهوم؛ لحظة هبوط الطائرة على الأرض الجديدة.
رواية «هروب» ليست قصة شخص اسمه عزت أتقن لعبة الهروب العبثي من دون أن يفلح في بلوغ الأجوبة المنشودة لأسئلته المزمنة. إنها سيرة الملايين ممن حملوا أسمالهم وأسماءهم نحو المطارات والموانئ، ثم سرعان ما بدلوا أسمالهم وربما أسماءهم، وشيئاً فشيئاً سلموا أنفسهم طواعية لأمواج دغدغت أشواقهم للانعتاق، وداعبتهم كثيراً فاطمأنوا لها، ثم جرفتهم إلى حيث لم يحتسبوا، وأطاحت بهم. تقع الرواية في نحو 270 صفحة، وهي الكتاب الثالث للمؤلف د. باسم شاهين، إلا أنها أول عمل أدبي متكامل، فالكتاب الأول كان عبارة عن عمل بحثي في مشكلات المحتوى العربي على الإنترنت وآفاق تطويره، أما الكتاب الثاني فكان عن إدارة المواقع الإلكترونية استناداً إلى تجربة واقعية عملية للكاتب نفسه الذي عمل لسنين طويلة في الصحافة الإلكترونية وإدارة المواقع والمحتويات الرقمية.