في المنطقة الوسطى على وجه الخصوص يعتبر تقديم الوجبة بعد صلاة العيد في الشارع عادة اجتماعية وتقليد متوارث يحاكي الأمس بعفويته وطيبته وإنسانيته برائحته ولونه وطعمه، ويتفق غالبية أهل المنطقة على تسمية المكان الذي تقدم فيه الوجبة بـ(المعيد) وفيه ومنه ينطلق الفرح وتزف التهاني وتتناثر الدعوات.
هذا (المعيد) بدأ يفقد بريقه ويعاني من عزوف الكثيرين فما هو السبب ياترى؟. وحول ذلك كانت لنا هذه اللقاءات مع بعض من كبار السن ومع فئة من شباب اليوم وآخرين غيرهم فكانت المحصلة .
- في البدء تحدث العم سليمان قائلا : كان كل أهل حي من أحياء الديرة لهم معيد خاص يقومون بتنظيفه وتهيئته ليلة العيد و فيه يتناولون وجبة العيد من طبخ أهل البيت وليس من طبخ المطابخ أو المطاعم كما يحدث الآن ، و( كلن) يذوق عيد الآخر ويتبادلون التبريكات بالعيد والدعوات بقبول الصيام ، بل كنا نحتفل ونشارك من جاءه مولود أومن نجح أبناؤه أو من تزوج أو ينوي الزواج من خلال جلسة ( المعيد) ، و(المعيد) بالفعل فقد أهميته عند الكثيرين وخاصة شباب اليوم وأصبح عددها في الديرة قليل وفضل بعضهم تناول الوجبة إما في المنزل أو في المزارع والاستراحات.
وفي نفس السياق أشار عبدالعزيز بن فهد: لا شك أن ( المعيد) عادة محببة وموروث جميل لكنه في الآونة الأخيرة شهد عزوف ملحوظا وخاصة من فئة الشباب ، وبرأيي أن ذلك يعود لعدم اقتناع بعضهم بهذا الموروث وفتور العلاقات بين شباب الحي الواحد، وقد كان لي مع بعضهم نقاش حول ذلك خرجت منه بأن السبب يعود لسهرهم ليلة العيد.
أما الشاب يزيد فقد قال: نحن فئة الشباب نحب ونفتخر بهذه العادة الاجتماعية لكن عدم التجديد فيها وبقاؤها هكذا عبارة عن أكل وسلام سبب مباشر لعزوفنا ،و نتمنى أن تقام على هامش ( المعيد) برامج ومناشط موجهة لجميع الفئات شباب وكبار سن وأطفال.
من جهته أكد الشاب حسام موافقته لما ذكره يزيد مضيفا بقوله : لماذا لا تنظم من خلال ( المعيد) لقاءات مع كبار السن في الحي يتحدثون من خلالها عن ماضيهم وذكرياتهم بالعيد، وتعطى الفرصة للشعراء والأدباء والمنشدين من أبناء الحي . وشاركنا طرحنا عبدالعزيز أبو حمد – تربوي – قائلا : من الأفضل إدخال بعض الإضافات الجاذبة على هذا التجمع الأسري الأخوي الضارب في القدم لضمان استمراريته والتشجيع على حضوره.
وقال الباحث والمهتم بالتراث عبدالرحمن عبدالله ،عادة متوارثة منذ القدم ولابد من العمل على استمراريتها وتشجيع وتعويد أبنائنا على حضور ( المعيد)، ومع النهضة العمرانية التي عمت كافة أرجاء وطننا وهجرة الناس بلداتهم القديمة إلى حيث الأحياء و المخططات الجديدة، أتمنى أن يقام ( المعيد ) في نفس أماكنه القديمة بعد تهيأتها وإعادة تأهيلها من البلديات.