يسترعي انتباهك ذلك الزحام والسباق تجاه «السوبرماركتات» على اختلاف مساحاتها.. يخيل إليك أن الناس مقبلون على سنين عجاف أو أن أحداً أعلمهم أن السلع الغذائية ستختفي وتصبح البقالات خاوية على عروشها!
هذا السباق والاصطفاف صار بمثابة المعركة بين التاجر والمستهلك، وهذه المعركة تسبق رمضان، ومواسم الأعياد وحتى المدارس!
ما سبب ذلك التزاحم- أو المعركة - والناس يعرفون موعد رمضان وموعد مواسم الأعياد والدراسة ، أين هم عن أخذ حوائجهم قبلها بأيام أو حتى أسابيع لئلا يسببوا هذا التزاحم؟
السؤال الذي يطرح نفسه؟؟
ما سبب معركة «ذات المقاضي»؟
الأرقام الاقتصادية تؤكد ارتفاع نسبة الاستهلاك خلال شهر رمضان لمعدلات تصل إلى 150% زيادة عن معدلات الاستهلاك خلال الشهور العادية!، فغياب ثقافة الترشيد والوعي سبب في نشوب هذه المعركة.
هذا النهم الرمضاني أو الاستهلاكي لا يحصل إلا في رمضان، وإلا فالناس يصومون ست شوال ويوم عرفة وعاشوراء ويقضون ما فاتهم ولا يصرفون عشر ما يصرفونه في رمضان! كما أن استهلاكنا يقارب الثلثين في حين أننا نمسك عن الأكل أكثر من نصف اليوم!
معركة «ذات المقاضي» عبء اقتصادي يضاف إلى الأسرة في ظل ارتفاع الأسعار وقلة الرواتب. في معركة «ذات المقاضي» يظهر الإسراف فأكثر من نصف «المقاضي» ستحقن بها براميل الزبائل وسيتم التخلص منها!! وقد حرم الله تعالى الإسراف فقال عليه الصلاة والسلام: لا تسرف ولو كنت على نهر جار». يا ليت كل أسرة تفكر في تصريف فائض السفر الرمضانية عبر تفطير الصائمين أو الإهداء للجيران وإن كان هم يعانون من هذا الفائض!
.. معركة «ذات المقاضي» أشغلت ربات البيوت فالمرأة تدخل مطبخها الظهر وتخرج منه العشاء فوقتها بين الطبخ والتوزيع والغسيل!.. معركة «ذات المقاضي» تتطلب توعية الناس بأهمية التدبير والترشيد.. معركة «ذات المقاضي» ستكون وبالاً علينا إن لم نؤد شكر النعم!
سئل أبو البندري أسبغ الله عليه نعمه متى تنتهي معركة «ذات المقاضي»؟
فقال - غفر الله له ولقرائه - هذه المعركة أشد ضراوة علينا من حرب البسوس ، فإن كانت حرب الزير سالم استمرت أربعين سنة وأنهكت جيلين من التغلبيين والبكريين ، فمعركتنا ستظل حاضرة بين الأجيال طالما غابت ثقافة التدبير وتمسك الناس بالكماليات والمظاهر، وأخشى أن تستمر هذه المعركة بين الأجيال فيصبح التبذير عادة والإسراف سجية عندها سنهلك!
وقال - تجاوز الله عنه - أسأل الله ألا يرينا أثر هذه التغريدة التي لا يعرف صاحبها الحقيقي لكثرة النسخ واللصق بين التويتريين والواتسبيين:
أحد كبار السن قال لأولاده: حدّثناكم عن الجوع الذي مرّ بنا، كم أخاف أن تحدثوا أبناءكم عن النعمة التي مرت بكم».
وهل تعلم أيها القارئ أنه قبل عقود تبرعت السودان لأهل المدينة المنورة والعراق تبرعت للإمارات؟!!