لا أستطيع أن أستجمع مقدرتي اللغوية لكي أصِفَ هذه المدينة الصاخبة الكبيرة التي احتضنتني منذ الولادة، حتى قمت ناهضة على أشدِّي بكامل شبابي، وأنا أرفل بنعيم الحب الذي يحتويني من أسرتي وأهلي.
إنها الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية التي تتسم بسعة مساحتها، وضخامة طرقها، وازدحام شوارعها، وروعة بنيانها، رغم حداثة سنها الذي لا يتجاوز مائة عام .
هذه الرياض هي أم السعوديين جميعا، وهي الرَّحِم الذي يحتضن أبناءه، والمهاد الذي يدفئ أهله، والشهم الذي يكرم أضيافه.
نشأت في هذه المدينة مع أسرتي الحبيبة، ننعم بوافر الأمن والصحة بحمد الله، وكانت الرياض بالنسبة لنا الهواء الذي نتنفسه، لا نخرج منه إلى سفر إلا ونرجع إليه ونحن أكثر أشواقا، وأشد حبا، وأكبر رغبة، لا نضجر من زحام شوارعها، ولا نَمَلّ من طول طرقها ... لأنها باختصار : مدينة الفأل والأمل .
إنها المدينة التي تجمع بين عراقة الماضي وأصالة الحاضر؛ إذ شهدت أول ملحمة تاريخية في تاريخ السعودية الحديث، وعلى ضفافها تقبع قرية الدرعية التي توجت عاصمة للأسرة الحاكمة منذ نشأتها.
ولذلك كانت موئل الشركات والمؤسسات الضخمة، وموطن الحركة التجارية الكبيرة التي تغرق البلد بكل الخيرات والبركات قامت المدينة شامخة تتحدى الصحراء، وتواجه أعاصير الفقر والجدب، حتى نهضت علميا واقتصاديا وسياسيا.
درستُ في مدارسها، ودخلت أعرق جامعاتها وهي جامعة الملك سعود، وكانت مدينة داخل مدينة، فكانت نورا على نور، ورغبة فوق رغبة حببت إلي الرياض، وجعلتها مدينتي المفضلة دوما وأبدا، رغم بيروقراطية مؤسساتها الحكومية، وروتين العمل المضني فيها، إلا أنها تسكن القلب وتملأ العين، وتثير الشعور بالسعادة والحب أينما توجهت فيها، وأينما ذهبت، سواء في أسواقها الكبرى، أو في مطاعمها الجميلة، أو حدائقها المتوافرة، أو زيارة قريب أو صديق.