استقبل صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض مساء أمس الأول في قصر خادم الحرمين الشريفين بجدة عدداً من المواطنين والمقيمين الذين قدموا لإعلان تنازلهم عن قاتلي أبنائهم وأقاربهم لوجه الله تعالى ثم استجابة لشفاعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ التي نقلها لهم سمو أمير منطقة الرياض.
وفي بداية الاستقبال أنصت الجميع إلى تلاوة آيات من القرآن الكريم. بعد ذلك ألقيت كلمة المتنازلين، ألقاها عنهم سعيد بن شاهر القحطاني، عبّر فيها عن سرور الجميع بالوقوف أمام سمو أمير منطقة الرياض للتنازل عن حقهم في القصاص لوجه الله تعالى ثم لشفاعة خادم الحرمين الشريفين التي عرضها عليهم صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز. ودعا القحطاني الجميع إلى احتساب الأجر عندالله، وعدم التفريط في هذه المنزلة العظيمة التي وعد الله بها أهل العفو. ونوه في ختام كلمته بالجهود التي بذلها سمو أمير منطقة الرياض لحث أولياء الدم على اغتنام الأجر وإدراك الفضل من الله تعالى.
بعد ذلك ألقى فضيلة رئيس المحكمة العامة في جدة الشيخ عبدالرحمن الحسيني كلمة، أشار فيها إلى أن من مفاخر دولتنا أن الدماء فيها معصومة والحقوق فيها محفوظة والضمانات مكفولة والشرع مطهرة للجميع. وقال إن دولتنا أولت مسائل الدماء اهتماماً كبيراً وفريداً في العالم كله، كفلت فيه الحقوق، وقدمت فيه الضمانات، وأدت فيه العدالة دورها بحياد تام ومستقل. وأشار فضيلته إلى أن التشريعات في بلادنا جاءت انطلاقاً من نبراس الشريعة الإسلامية. واستعرض الشيخ الحسيني المراحل التي تمر بها قضايا الدم؛ إذ يتولى نظرها قضاة مختصون ومتفرغون، عددهم ثلاثة عشر قاضياً في جميع مراحل المحاكمات الثلاث (محكمة الدرجة الأولى ثم محكمة الاستئناف ثم المحكمة العليا). ورفع الشيخ الحسيني الشكر لخادم الحرمين الشريفين - أيده الله - على اهتمامه وشفاعته بالعفو عن القصاص والتنازل عن الدماء وإعتاق الرقاب، داعياً الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته - حفظه الله. كما عبّر عن شكره لأولياء الدماء على عفوهم وتنازلهم واستجابتهم لرغبة خادم الحرمين الشريفين.
إثر ذلك ألقى القائم بالأعمال بالإنابة في سفارة الجمهورية اليمنية لدى المملكة زين محمد القعيطي كلمة، رفع فيها التهنئة لخادم الحرمين الشريفين بالعشر الأواخر من رمضان وبقرب حلول عيد الفطر السعيد. وأعرب عن شكره وتقديره لصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز على جهوده التي يبذلها على مستوى إصلاح ذات البين، والتي تهدف لعتق رقاب من صدرت بحقهم أحكام بالقصاص، وذلك لوجه الله تعالى. وقال: من خلال سموكم الكريم نتقدم بجزيل الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين على كل ما يقدمه من بذل ودعم لهذه القضايا وغيرها من القضايا لما فيها من عمل للخير وما لها من نتائج طيبة للتآزر والتآخي بين الناس. ولا يخفى على أحد الجهود التي يقدمها لخدمة الأمتين العربية والإسلامية.
بعد ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض كلمة، هنأ فيها الجميع بحلول العشر الأواخر من شهر رمضان، داعياً الله أن يعيده عليهم بالخير والنعمة. وأكد سموه أن فعل الخير لا ينقطع دائماً وأبداً، مستشهداً بعتق الرقاب الذي يسعى فيه خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - منذ زمن طويل خارج الوطن وداخله. موضحاً سموه أن ما من عمل خير في هذا الأمر إلا ويسعى له خادم الحرمين الشريفين. ولفت صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز النظر إلى أن هناك الكثير من المآثر التي تحكى عن الملك المفدى في هذا المجال؛ إذ آثر على صحته وعلى وقته وعلى جميع الأشياء، ولم يبدأ هذا العمل الخيري من فراغ، لكنه بدأه ـ رعاه الله ـ من حب الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم. وقال سموه: التسامح في هذا الشهر الفضيل ما هو إلا تتويج لإسلامنا الخير، إسلامنا النير، الذي هو دين معاملة ودين صلح ودين حق. وأضاف سموه يقول: المبادئ العظيمة التي نشرها خادم الحرمين الشريفين ليست في الوطن فحسب، بل امتدت للوطن العربي والإسلامي. مشيراً إلى أن من يحضر اليوم هم من المملكة العربية السعودية ومن اليمن والصومال والسودان والأردن وغيرها من البلدان، وهي مآثر عظيمة للمؤاخاة في الإسلام التي فيها خير للأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء، بما فيها من التواد والتعاطف والتراحم والعفو عن قاتلي أعز ما عند الإنسان (فلذات الأكباد)؛ وذلك لوجه الله تعالى؛ إذ يؤثر الإنسان العفو على ما بنفسه وما بخلده وما بحنانه لوجه الله تعالى، وهذا ما يقوله خادم الحرمين الشريفين دائماً وأبداً. وقال سمو الأمير تركي بن عبدالله: نحن نستأثر هذه النخوة والروح الإسلامية روح التسامح في الإنسان الذي نطلب منه هذا الدم، ولا نغصبه على حاجة، ولا نؤثره لا بدنيا ولا بشيء آخر، بل بهذه المآثر الإسلامية الصحيحة الذي إذا أعطى أُعطي، ونال خادم الحرمين الشريفين جزءاً من هذه الحسنات. واستطرد سموه قائلاً: نشكر جميع الذين أعتقوا الرقاب لوجه الله تعالى ثم لشفاعة خادم الحرمين الشريفين، ونحن جميعنا جنود له ـ حفظه الله ـ في السعي لهذا الأجر إن شاء الله أينما كان وأينما حط. وأردف سمو الأمير تركي قائلاً: الحمد لله والشكر له على ما لهذا الدين الحنيف من مساعدة - بإذن الله - على التسامح ونبذ العنف ونبذ الغلو. وأشار سموه إلى أن الدين الحنيف الي يحث على هذه الأمور يجب اتباعه بالطريقة الصحيحة، وهو ما نعيشه الآن في يومنا هذا في أواخر شهر رمضان بهذه الروحانية العظيمة التي تجسد الوطن بالكامل والوطن الإسلامي بشكل عام ولله الحمد. ودعا سموه إلى عدم الاستهانة بالأنفس المعصومة وعدم التساهل بالدماء وتسهيلها للآخرين، سائلاً الله سبحانه وتعالى مضاعفة الأجر لخادم الحرمين الشريفين ولكل من اشترك في أمر العفو.
تجدر الإشارة إلى أن المتنازلين من أهل الدم هم سعيد مسفر مقرمش (المتنازل عن قاتل ابنه سلطان)، وسعيد شاهر عبدالرحمن (المتنازل عن قاتل ابنه علي)، وسعيد يحيح علي القحطاني (المتنازل عن قاتل ابنه علي)، ويوسف قسم السيد يوسف (المتنازل عن قاتل ابنه التجاني ـ سوداني)، ولمى أحمد ليتني (المتنازلة عن قاتل زوجها حسين جاح ـ مالي)، وسعد علي صالح السالم (المتنازل عن قاتل ابنه سعيد)، وسكوت محمد البلوي (المتنازلة عن قاتل ابنها مشعل عواد فرحان البلوي)، ومسفر نوار الدوسري (المتنازل عن قاتل ابنه عبدالله)، ومحمد سعيد السلامي (المتنازل عن قاتل ابنه خالد ـ يمني)، وسامية عمر درار (المتنازلة عن قاتل زوجها فيصل محمد النور أسد ـ سوداني)، وهادية محمد هادي طميحي (المتنازلة عن قاتل ابنها محسن أحمد علي غروي)، وزافي سعيد نمشان الحارثي (المتنازل عن قاتل ابنه عبدالله).