في صغري كل الخيالات كانت حقيقة، عندها قيل لي كثيرا بإني اتسم بخيال واسع، حتى كبرت أنا وخيالاتي معا واحترنا معا، هل أتجاهل الخيال أم أواجه الواقع؟
لا تقل لي إن الحياة قصيرة، بل قل لي إن الحياة طويلة ليس لها نهاية، لان الحياة فعلا لا تنتهي، لكن نحن البشر الذين ننتهي لان الحياة لا تتوقف عند فشلنا، مرضنا، موتنا، الخ.. كما نحن البشر نتوقف لفترة، لكن الحياة تعجز عن التوقف لأنها أقوى من أن تتوقف، إلا أن يشاء الله، فبمجرد قولك لشخص إن الحياة قصيرة، كأنك تقول له موتك قريبا فاكتب وصيتك والزم فراشك استعدادا للموت.
هذا لن يجعله يركض وراء حياته وإعمار الأرض بل هذا سيجعله يخشى القادم القصير، يفكر بأن الحياة قصيرة وأنا لم أتزوج بعد! الحياة قصيرة وأنا لم أبنِ بيتا لعائلتي بعد! الحياة قصيرة وأنا لم ابتدئ حتى دراسة الماجستير بعد! الحياة قصيرة وأنا لم أحج بعد.. الحياة قصيرة وأنا لم أشبع منها قط! قل لي إن الحياة طويلة النفس، قل لي إن شغف قلبها سينبض دوما وسماءها ستمطر دوما وشمسها ستشرق دوما، وان أشرقت من غربها وان قمرها سيضيء شموع ليالينا، قل لي إن لدي الوقت الكافي حتى أحقق أحلامي وجميع رغباتي!
قل لي إن الحياة طويلة حتى أفكر بعيدا بلا نهاية، حتى أسافر حول العالم، حتى اقفز من جبل ايفرست أعلى جبل في العالم واشعر بالأدرينالين يضخ قلبي وأنا أتشهد ( ليس انتحارا بل مجرد مغامرة )، قل لي إن الحياة طويلة فبها تعطيني الطموح والأمل حتى أكافح لخدمة ديني وو طني.
قل لي إن الحياة طويلة كي أفكر بإنسانية كأن ازور الاطفال في إفريقيا وأعيش جزءا بسيطا من معاناتهم وأيضاً فرحهم البسيط جدا الذي لا يحتاج إلى أي مادة من التكلف، كخاتم كارتير وسلسال فان كليف أو حقيبة شانيل وغيره من الأمور المادية التي نظن بأنها قد تجلب إلينا السعادة وهي مجرد وهم للسعادة.
ليتني اقدّر ابسط أنواع السعادة الحقيقية واشعر بها كطفل من أطفال إفريقيا التي لا تحتاج إلى بيع وشراء ولكن فقط تحتاج إلى قلوب طاهرة، ربما.
أرجوك، لا تهدمني بقولك إن الحياة قصيرة فإن كنت تظن بأنها قد تحفزني لتسريع عمل خططي المستقبلية فأنت تظن بطريقة خاطئة، لأنها سوف تحبطني حتى أتساءل بتوتر فيم ضيعت حياتي، بدلا من أن أتساءل بأمل بماذا سوف املأ حياتي به.