وقت أذان العشاء في رمضان كان في سنوات مضت في الساعة (1:30) بالتوقيت الغروبي، أي بعد ساعة ونصف من غروب الشمس، ثم تحول بعد ذلك إلى الساعة (2:00) غروبي أيِ بعد ساعتين من الغروب.
لعل من أسباب ذلك الفسحة للناس بين عَشائهم وعِشائهم، ولاسيما في الحرمين الشريفين. عمل حسن ومقصد حسن؛ ولكن لا يمنع من إعادة النظر من جانب شرعي وآخر تنظيمي.
أما الجانب الشرعي - وهو الأهم - فإن الأذان هو للإعلام بدخول وقت الصلاة، والأصل فيه أن يكون مع بداية دخول الوقت، لأن معناه أن الصلاة قد وجبت وابتدأ وقتها، وأن الصلاة قبل ذلك لا تصح لأنه لم يدخل وقتها ، وهنا الإشكال في أذان العشاء في رمضان المطبق عندنا في السعودية حيث حُدد بعد ساعتين من غروب الشمس، وصدر تقويم أم القرى بذلك ؛ مع أن وقت العشاء كما في سائر الشهور وفق تقويم أم القرى محدد بعد ساعة ونصف وهو وقت غروب الشفق الأحمر أو بعده بقليل (ساعة ونصف احتياطًا).
وعلى هذا فنحن أمام إعلام بدخول الوقت يجب التقيد به ؛ لأنه توقيت شرعي، ويترتب عليه أحكام كثيرة ، ولعل بعض الناس ولا سيما النساء يظنون أن وقت العشاء لم يدخل بعد ؛ مع أنه يدخل قبل ذلك ، واعتقاد ذلك والتزامه يترتب عليه ما يلي:
أولا: أن صلاتهم غير صحيحة قبل ذلك الوقت، وقد يحتاج بعضهم أن يصلي ولاسيما بعض النساء فتظن أن صلاتها لا تصح وتضطر للانتظار.
ثانيا: لو أن المرأة جاءتها الدورة الشهرية بعد ساعة ونصف من الغروب وقبل ساعتين معناه قد تظن أن الصلاة لم تجب عليها لأنها لم تدركها.
ثالثا: في التطبيق الآن نجد الكثير من المساجد يؤذنون ثم تقام الصلاة مباشرة فيفوت وقت فاضل بين الأذان والإقامة فيه نافلة مشروعة كما في الصحيحين عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، ثم قال في الثالثة: لمن شاء» ، ومعنى بين كل أذانين أي بين الأذان والإقامة .
رابعاً : مع تعاقب الأجيال قد يترسخ هذا التوقيت وهو تنظيمي وليس شرعياً؛ ولا سيما أنه الآن محدد في تقويم رسمي عالمي حتى أصبح مبرمجاً في بعض الساعات وغيرها عند اختيار تقويم أم القرى.
أخيرًا فإن المقصود من تأخير أذان العشاء يمكن تحقيقه بتأخير الإقامة فقط وهذا سائغ شرعاً ، ولا إشكال فيه ، ونخرج من جميع الإشكالات والمحذورات المشار إليها, ونحن بهذا نحقق أيضاً مصلحة أخرى وهي أن مساجد كثيرة ولاسيما في بعض المدن لا يرغب أهلها بالتأخير، فحين يبقى أذان العشاء كما هو في بقية السنة (1:30) يعطي الناس راحتهم في اختيار المبادرة أو التأخير، وهو تنوع يستفيد منه الناس وتستقر به الأمور ويزول به الإشكال، ويرتاح أيضاً مراقبو الأوقاف من الالتزام أو عدم الالتزام بالتوقيت كما هو واقع الآن.