أجمع عدد من الاقتصاديين والمحللين الماليين على ايجابية قرار مجلس الوزراء الأخير القاضي بفتح المجال للمؤسسات المالية الأجنبية لشراء وبيع الأسهم المدرجة في السوق المالية. وأوضحوا خلال حديثهم لـ»الجزيرة» أن القرار سيزيد من موثوقية السوق، وسيجلب سيولة استثمارية جيدة، ولكن بشرط وضع ضوابط صارمة تحد من تدفق الأموال الساخنة، مشيرين إلى أن ما يدعم ايجابية هذا القرار للسوق يتمثل في أن الأموال المؤسساتية أكثر احترافية من أموال الأفراد، فهي تتعامل مع السوق بوعي واحترافية عكس الأموال الفردية التي تتعامل مع السوق بعاطفة، وتتأثر بالشائعات، مؤكدين أن مثل هذه الخطوات ستضع المملكة على الخارطة العالمية للاستثمار في الأسواق المالية. وأكد الخبير الاقتصادي والمختص في الدورات الاقتصادية، مساعد السعيد، أن القرار يعتبر ايجابيا للسوق المالية السعودية، خصوصا وانه تم دراسته بوقت كاف قبل اتخاذه وتطبيقه.
وقال السعيد: «سيزيد هذا القرار من موثوقية السوق، وسيجلب سيوله استثماريه جيدة، ولكن بشرط وضع ضوابط تحد من تدفق الأموال الساخنة، إذ إن ذلك من الأمور المتوقعة وهذا المتوقع بإذن الله لان القرار اخذ وقت كافي لدراسة جميع جوانبه السلبية والايجابية»، مبينا أن القرار سيدفع المؤشر العام للسوق إلى تسجيل أرقام جديدة فوق العشرة آلاف كما هو متوقع، حيث إن السوق فنيا في الوقت الحالي يستهدف مستويات 10400 نقطة، وهي إحدى نسب فيبوناتشي، بعد تحقيق الهدف الأول عند مستوى 9380 نقطة والثبات فوق هذا المستوى لمدة كافية.
وأوضح السعيد، أن ما يدعم ايجابية القرار للسوق يتمثل في أن الأموال المؤسساتية أكثر احترافية من أموال الأفراد، فهي تتعامل مع السوق بوعي واحترافية عكس الأموال الفردية التي تتعامل مع السوق بعاطفة، وتتأثر بالشائعات أو بأي أخبار مؤقتة لا تستند على دراسات اقتصاديه موثوقة، وعليه سيكون تحرك المؤشر في حال دخلت تلك الاستثمارات أكثر عقلانيه واتزان.
وتطرق السعيد، إلى انه لابد أن نعرف انه ليس بالضرورة الدخول الفوري لتلك المؤسسات من تاريخ السماح لها، لأنها بالأساس أموال ذكية، وتبحث عن الفرص، ومن المؤكد أن دخولها سيكون تدريجي حسب الفرص المتاحة، وليس كما يتوقع الغالبية العظمى في أنها ستنفذ أوامر الشراء فور بداية السماح.
وعلى الصعيد ذاته، أكد المحلل المالي وعضو جمعية المحاسبين السعودية عبدالله البراك، أن مثل هذا القرار يعد من القرارات الايجابية جدا للسوق المالية السعودية، وسيضع المملكة على الخارطة العالمية للاستثمار في الأسواق المالية. وأبان البراك، أن الجميع ينتظر في الأيام المقبلة الإجراءات والتعليمات المنظمة لهذا القرار، والتي من المتوقع أن تكون متحفظة، قائلا: السوق تفاعل وقت صدور القرار أكثر من اللازم على الرغم من أن التطبيق الفعلي للقرار سيكون بعد عام من إصداره ولم تتضح اللائحة التنظيمية له بعد، لذا من المهم جدا عدم المبالغة في التوقعات، وان يعي الجميع أن الشركات الاستثمارية الأجنبية ذكية جدا، ولن تستثمر في شركات مبالغ في سعرها.
وأشار البراك إلى أن هذا القرار بعد تطبيقه في السوق المالية السعودية سيعمل على تعزيز دور المؤسسات وسيطرتها على السوق في المستقبل، لكون التركيز الرئيسي لمثل هذه الشركات على القوائم المالية لشركات السوق ومعدلات نموها في الأرباع السنوية، لافتا إلى أن السوق السعودي يحتاج إلى عامين أو ثلاثة حتى يدخل مؤشر الأسواق الناشئة (مورجان ستانلي) والذين يعتبرون فتح السوق بالكامل من أهم شروطهم، إذ إن المستثمرون الأجانب لن يستثمروا ريالا واحدا إذا لم يدخل السوق السعودي إلى مؤشر الأسواق الناشئة.
وقال البراك:» إن السماح للشركات الأجنبية للاستثمار في السوق السعودي يعد بالدرجة الأولى لتحفيز دور المؤسسات الاستثمارية وليس لتحفيز السيولة، فالسوق السعودي ليس بحاجة إلى سيولة مثل بعض الدول الأخرى، ولكن في نهاية المطاف استثمار الشركات الأجنبية في السوق سيرفع مستوى الشفافية إلى مراكز متقدمة جدا، إلا أنه في الوقت الحالي لا نستطيع الحديث عن ايجابيات القرار بشكل مفصل إلا بعد نشر هيئة السوق المالية للائحة الخاصة بتنظيم الاستثمار للشركات الأجنبية في السوق المالية السعودية».
أما المحلل المالي محمد العنقري، فأوضح أن القرار كان منتظرا منذ وقت طويل، نظرا لأهميته بزيادة الوعي المؤسسي بالسوق، خصوصا من مؤسسات عالمية تمتلك خبرة عالية واحترافية بتوجهاتها الاستثمارية، مما يعزز من المؤشرات الإرشادية لتوجه الأفراد نحو الاستثمار بالسوق، كما سيزيد من أحجام التداول بالسوق.
وقال العنقري «إن ذلك سينعكس على قطاع الوساطة بالإيجاب وسينمي من دوره، ويمكن أن ينعكس على زيادة التوظيف بالقطاع المالي، كما إن عامل الشفافية والإفصاح سيرتفع بالسوق وسيكون هناك ايجابيات عديدة، خصوصا بإمكانية تطوير العديد من المنتجات المالية، وكذلك إضافة أدوات جديدة بالتداول مستقبلا، مما سينعكس بزيادة بحجم الأطروحات والاكتتابات بشكل أوسع مستقبلا.»
من جهته يرى الخبير في الأسواق المالية، هشام الوليعي، أن قرار مجلس الوزراء بالموافقة على فتح المجال للمؤسسات الأجنبية للتداول والاستثمار في السوق السعودي، كان منتظر منذ مدة وهو قرار مشجع ومحفز، ويعد نقلة نوعية وتاريخية للسوق السعودي الذي يعتبر أكبر سوق في الشرق الأوسط، ويملك مقومات الاستثمار والجذب في شركاته الكبيرة والواعدة التي يتطلع لها المستثمر المحلي والأجنبي.
وأضاف الوليعي: «نلاحظ أن القرار صدر بعد رغبة هيئة السوق المالية التي رفعت هذا الطلب إلى مجلس الوزراء للموافقة عليه، إذ نقرأ من ذلك أن الهيئة لديها الاستعداد والآلية لذلك من خلال الأنظمة والإشتراطات التي ستحكم دخول الشركات المالية الأجنبية للاستثمار المباشر بالسوق، لذا القرار أثره على السوق المالي إيجابي عموماً، حيث سيوسع قاعدة التداول ويزيد السيولة الإستثمارية في السوق ويثري السوق بالصناديق والمحافظ الإستثمارية التي تبحث عن سوق واعدة جديدة، خصوصاً أن هذا السوق في نمو إقتصادي مضطرد متوقع له خلال السنوات القادمة، كذلك سيستفاد من المؤسسات المالية المستثمرة في السوق في إعطاء إحترافية وتطبيق الأنظمة وتطويرها بإستمرار، إلى جانب تقليل الممارسات السلبية في التحكم في الأسهم من تكتلات المضاربين، إذ ستقل فرص استحواذهم على أسهم معينة والتحكم في نطاق تحركها، حيث ستكون قاعدة المستثمرين أكبر من ذي قبل، وأيضاً من العوائد المستفادة هي عوائد شركات الوساطة العاملة والتي ستستفيد من المستثمرين الجدد، وخلق فرص أكبر للعمل»
وقال الوليعي:»لا أعتقد أن القرار سيخدم السيولة الساخنة في الدخول في السوق، مثل ما يتخوف البعض، حيث إن القرار حدد أن المستهدفين هم المؤسسات المالية فقط ،وأعتقد أن هيئة السوق ستحجم من حرية هذه السيولة السلبية بالآلية والقواعد المنتظر طرحها، كما نطمح أن تستهدف هيئة سوق المال مستقبلاً للدخول لمؤشر الأسواق الناشئة msci بعد تطبيق إشتراطات المؤشر والذي يرفع من وزن وقاعدة السوق المالي السعودي مقارنة بالدول الناشئة».
وكان رئيس مجلس هيئة السوق المالية قد رفع بعد صدور القرار، أسمى آيات الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس الوزراء وسمو ولي عهده الأمين نائب رئيس مجلس الوزراء وسمو ولي ولي عهده النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ولمجلس الوزراء بمناسبة موافقة مجلس الوزراء على قيام هيئة السوق المالية – وفقاً للتوقيت الملائم الذي تراه – بفتح المجال للمؤسسات المالية الأجنبية لشراء وبيع الأسهم المدرجة في السوق المالية ، وذلك بحسب ما تضعه الهيئة من قواعد في هذا الشأن. وبعد استكمال الإجراءات النظامية ستعمل الهيئة على نشر مشروع (القواعد المنظمة لاستثمار المؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة في الأسهم المدرجة) من أجل استطلاع أراء ومقترحات عموم المستثمرين والمهتمين على تلك القواعد خلال الشهر القادم بإذن الله ولمدة 90 يوم. وبعد ورود المقترحات والآراء بشـأن تلك القواعد ستقوم الهيئة بمراجعتها نهاية العام الحالي ، والتحقق من جاهزية شركة السوق المالية السعودية (تداول) إلى جانب التنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة وذلك قبل اعتماد تلك القواعد والعمل بها.
وبناءً عليه سيتم فتح السوق لاستثمار المؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة في الأسهم المدرجة خلال النصف الأول من عام 2015م بإذن الله.