قصتان قصيرتان

(1)

تشاؤم

قالت مرفوعة الهامة، بينا تقبض على ذراعه بشدة: جمعني بحبيبي، دهشةُ المظهر، حسن المنطق، تألقُ الأفعال.

بصم حبيبها على ما قالته، وكافأها بقبلة على جبينها، فأردف: وأيضاً جمعني بها، تقارب الأفكار، تساوي التعليم، تناسب الطموح، رقيُّ الإحساس، سموُّ الحب، خفةُ السعي إلى بعضنا، وأيضاً توافقُ الفحصِ الطبي لما قبلَ الزواج، والكثير الكثير مما ظهر منه وما بطن،

أيضاً هي وقعت على ما قاله بالموافقة، فأكملت بافتخار مشدد مؤكد: بالطبع، وذلك كله مكننا من عقد قراننا المبجل، لذا لن يزلزل قناعتنا ما يزلزل الفولاذ.

بهذا صرح الحبيبان للناس الذين نظروا إليهما بالغبطة والسرور، وباركوا لهما الاقتران المقدس، ودعوا لهما بالاستقرار والرفعة والولد الصالح.

ذات يوم - بعد أن أثثا شقتهما بكل شيء فاره، كما يحلمان - انفردا بجلسة إلى بعضهما، يعمقان الود الذي به يتساقيان، يتبادلان الدهشة التي بها يتجاذبان، يهيئان لمستقبلهما الذي به سيسكنان، فعَنَّ لها سؤالٌ أبدته سريعاً:

- حبيبي، ما رقمك المفضل؟ فدتك روحي.

فأجابَ بفؤادٍ أريحي، بل بإكبار وإجلال: (ثلاثةَ عشر).

حينئذ، شهقتْ، امتعضتْ، ونهضتْ ناتلة يدها من يده، تنظفُ ما علقَ فيها منه، مرددة: أرجوك، الآن، فك عقد قراننا!

(2)

قصيدة الحياة

كانتْ تعرضُ خمائلها للشمسِ الذهبيةِ، الهادئةِ، الهانئةِ في الكونِ البديع..

اجتذبتْ نقاءَ قلبينا التائهين في خلابةِ المرجِ الأخضرِ ذي الألوان المختلفةِ الآسرة..

تقنا الرفرفةَ إليها، خفافاً، بتؤدةِ الفراش..

التففنا حولها على مهل..

قالتْ تلك التي أزهو برفقتها: الله، سأقطفُ لكَ هذهِ الوردة.

طبعتُ قبلاتٍ رقيقاتٍ، ما بين عينيها المكتحلتين رواءً، وعلى قفا كفيها النديين نعومة، ثم احتضنتها كالحياة..

وقلتُ: لن نقطفَ فيها عشقنا حبيبتي.

وما كادتْ الوردةُ ترقص ويعلو ضياءها نهارنا والليل، حتى قبضتْها كفا حبيبتي، بعنفٍ، فدَمّ رَتْها ولم تزل فوق غصنها، فلثمتُ يديها مجدداً!!

- عبدالله النصر