كشف محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج لـ«الجزيرة» أن هناك تحدِّيات فعلية تواجه الهيئة ولخص الدكتور عبد الله الشهري هذه التحدِّيات في كيفية تهيئة بيئة مناسبة لإيجاد صناعة كهرباء وتحلية مياه في المملكة قابلة للنمو والاستدامة على المدى البعيد، وتقليص الاعتماد الكبير على دعم الدَّوْلة وإيجاد البيئة الجاذبة للاستثمارات التي تشجع القطاع الخاص على المساهمة والاستثمار في صناعة الكهرباء وتحلية المياه.
وقال المحافظ: يشمل ذلك تطبيق الخطة المعتمدة لتطوير هيكلة صناعة الكهرباء في المملكة، وكذلك إجراء بعض التعديلات التنظيمية أو الإجرائية لتوجيه دعم الدَّوْلة بما يدعم رفع الكفاءة وتشجيع الممارسات التي تشجع الترشيد ودعم فئات المستهلكين المستهدفة، بالإضافة إلى تكوين بعض الكيانات المذكورة في الخطة كالمشتري الرئيس والمشغل المستقل، وذلك لتسهيل الانتقال التدريجي بصناعة الكهرباء من الوضع المتكامل رأسيًّا حاليًّا إلى وضع سوق الكهرباء التنافسي.
وأضاف: هذا التَّحدِّي يرافقه تحدِّيات أخرى، قد تعيق أو تؤخر الانتقال لسوق الكهرباء، وهذه التحدِّيات تشمل المعدل السنوي العالي على الطلب، إضافة إلى هيكلة التعريفة الحالية التي تعتمد على المحاسبة على الطاقة المستهلكة فقط، على الرغم من أن تكاليف صناعة الكهرباء حاليًّا معظمها تكاليف ثابتة، وهذا حد من إمكانية تحفيز بعض المستهلكين على تحسين نمط استهلاكهم بشكل يسمح بتخفيض إجمالي التكاليف لصناعة الكهرباء التي وصلت إلى نحو 50 مليار ريال سنويًا. كذلك من التحدِّيات العجز المالي في دخل صناعة الكهرباء الذي أدَّى إلى الاعتماد وبشكل كبير على خزينة الدَّوْلة لبناء المشروعات الرأسمالية، وأن التعريفة لا تحقق دخلاً كافيًا يضمن استرداد الاستثمارات، وعائدًا معقولاً عليها، إلا في حالة وجود ضمانات تتمثل في شكل اتفاقيات شراء الطاقة (Power Purchasing Agreement) لمدة تستمر من 20 إلى 25 عامًا. وشدد الشهري أن دعم الوقود ساهم وبشكل مباشر في تخفيض تكاليف صناعة الكهرباء، ولكن استمراره بهذا الشكل يمثِّل عائقًا كبيرًا أمام تحسين التشغيل الاقتصادي للتوليد وتشجيع اختيار تقنيات التوليد ذات الموثوقية والكفاءة العالية. كما أنه في المستقبل سيعيق الوصول لسوق الكهرباء في ظلِّ محدودية هامش الربح المتوقع بالسوق بين المتنافسين ويزيد من احتماليَّة عزوف المستثمرين المستهدفين من الدخول في السوق. ولكن الاستمرارية على الوضع الحالي وعدم إعادة هيكلة التعريفة بشكل متدرج سيسهم في تراكم العجز، ويُؤدِّي إلى استمرار اعتماد صناعة الكهرباء على خزينة الدَّوْلة لبناء المشروعات الرأسماليَّة العاجلة، وهذا وضع غير مستدام يعتمد على توفر الدعم ومحله في أولويات الإنفاق الحكومي، وعند الحاجة لأيِّ تعديل مستقبلاً فإنَّ التكلفة ستكون باهظة وستُؤدِّي إلى قفزات عالية في التعريفة. وحول جهود تقليص استهلاك الطاقة عبر تغيير مواصفات العديد من المعدات الكهربائية ومبادرات مركز كفاءة الطاقة في هذا الصَّدد قال محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج أن الهيئة ضمن الجهات التي لديها عضوية في مركز كفاءة الطاقة بجانب عدَّة جهات أخرى وتشارك بشكل فعَّال في العديد من الفرق الفنيَّة المعنية بهذا الموضوع.
أما فيما يتعلّق بتحديث مواصفات أجهزة التكييف والأجهزة المنزلية الأخرى والمواصفة الجديدة للمعدات الكهربائية التي قام المركز بإعدادها وتَمَّ اعتمادها من هيئة المواصفات فهي خطوات مباركة وجهود تستحق الإشادة، والمركز يركز في عمله على جانب الطلب على الطاقة وهو أمر مهم لمنظومة الطاقة في حين تركز الهيئة جهودها مع الجهات المعنية لتتكامل في تحسين الكفاءة أيْضًا من جهة الإنتاج وهذان الدوران مهمان للحفاظ على الطاقة واستخدامها بشكل أكثر كفاءة، والهيئة تلعب دورًا محوريًا ومهمًا في هذا الجانب ولديها العديد من المبادرات في كلا الجانبين. بالإضافة إلى مهامها الأخرى كمراقبة الأداء الفني والتشغيلي للمنظومة، وتبني تطبيقات للتعريفة الكهربائية تساعد المشترك على أهمية الترشيد وبالتالي تحقيق الاستدامة المنشودة. وأضاف الشهري: هناك الكثير من الدراسات التي أجريت على جانب الطلب من قبل وزارة البترول ووزارة المياه والكهرباء والهيئة ولكن لم تُفعل بشكل إيجابيّ لافتقارها للجهة المنسقة والمعضدة للجهات المعنية بالتنفيذ ولهذا جاء دور مركز كفاءة الطاقة لإكمال الحلقة وتنسيق كافة الجهود ونحن ندعم هذا التوجُّه بكلِّ الإمكانات المتاحة لنا.