بالسابق عندما انهار نظام الإخوان في مصر بدأت حماس تشعر بأنها أصبحت ذراعاً مكسوراً في المنطقة وخاصة أن حماس شيدت أحلاماً وانتصارات على خلفية تولي الإخوان الحكم في مصر لكن بعد الإطاحة بمرسي بدأت حماس في حملاتها الانتقامية بضرب جنود الجيش العربي المصري وقتل العديد من قوى الأمن بغية إرسال رسالة إلى القيادة المصرية بأن مصر غير آمنة بعد الإطاحة بمرسي، وحقيقة الأمر أن الإطاحة بمرسي جاءت إطاحة لمرشد الإخوان من جهة، وللكوماندوز الإخواني (حماس) من جهة أخرى، وبعد فوز الرئيس السيسي بالانتخابات جن جنون قيادة حماس وبدأوا حملة مسعورة ضد السيسي وكل من وقف إلى جانبه من مقر إقامتهم في الدولة المستضيفة مستخدمين إعلام هذه الدولة كأبواق لأصواتهم.
إلا أن حماس قد تكون قادرة على خلط الأوراق فبدأت تشعر بعبئها السياسي على الدولة المستضيفة وعزلتها عربياً وإسلامياً بعد أن تلطخت أيديها بدماء المصريين، وفي ظل الرفض السعودي الإماراتي البحريني الكويتي الأردني ومعظم باقي الدول العربية والإسلامية لحماس هنا قررت حماس خلط الأوراق ومحاولة إعادة موازين العلاقات معهم فبدأت تتمايل تدريجيا إلى المعسكر الإيراني السوري, وذلك عندما التقى خالد مشعل بمساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان بالعاصمة القطرية الدوحة بتاريخ 22 مايو 2014، ممتدحا دعم إيران وسوريا لحماس بعد أن كان سبق وغادر سوريا متجها إلى قطر متخذا موقفا ضد النظام السوري.
لكن بعد هذا المدح للنظام السوري والموقف الزئبقي لخالد مشعل بدأت أحداث متلاحقة انتهت باختطاف ثلاثة مستوطنين إسرائيلين وقتلهم، ومن ثم بدأت الأزمة وإلقاء الصواريخ بين الجانبين فقامت حماس بحملة علاقات عامة تروج من خلالها دورها المقاوم في القضية الفلسطينية، وأقحمت فصائل فلسطينية عديدة والشعب الفلسطيني الأعزل بحرب ليس وقتها، وليس هناك رابح بها فقط لتحصل على موقف سياسي بعد العزلة العربية لها لترتمي في أحضان إيران من جديد.
إن الخاسر الأوحد من هذه المعركة هما الشعب الفلسطيني وفصائل فلسطينية، ومن أشعل الحرب رجل يقيم في فيلا فارهة وآخر مختفي، وماذا بعد؟ وماذا بعد كل هذا القتل؟ وماذا بعد كل هذا الدمار؟ لا شيء... فقط الموقف السياسي الذي قرراه قائدا حماس (خالد مشعل وإسماعيل هنية)، بل وزاد في ذلك أنهم أقحموا عناصر قتالية لحماس بمعركة لا نصر بها ولن تعود بناتج نهائي إلا القتل والدمار واكتساب التعاطف الشعبي العربي، وهو تماما ما يفعله الإخوان في مظاهراتهم حيث يضعون النساء والأطفال بمقدمة المظاهرة وهم بالخلف، ومن ثم يطلقون الرصاص على رجال الأمن، فيرد رجال الأمن بالمثل وبالتالي يسقط عدد من النساء والأطفال ضحايا الطلقات المتبادلة فيستخدمهم الإخوان لاكتساب التعاطف الشعبي ولموقف سياسي ضد الخصم، وكذلك حماس فعلت..
نعم، نجحت بخلط الأوراق وهاهم وزراء الخارجية العرب يجتمعون وسيتوالى ذلك العديد من التقاطعات والتجاذبات السياسية التي ستندثر شيئا فشيئا.. تبقى الحقيقة المؤلمة الباقية أن الشعب الفلسطيني تلقى الضربات وقُتل من قُتل منه ودُمرت المنازل لمحاولة حماس العودة الى الضوء العربي والإسلامي والعالمي مع العلم أن إسرائيل لم تتكبد خسائر تذكر نتيجة القصف.
وكما تاجرت حماس بدماء المصريين, هاهم يتاجرون اليوم بدماء الفلسطينين... حسبنا الله ونعم الوكيل.