عندما بدأت العمل على كتاب «منفعة التشبيك: كيف تستخرج القيمة من تحالفاتك وشراكاتك»، غالباً ما كان يلفتني الانتباه الضئيل الذي يعطيه شركاء التحالف إلى أهمية تحقيق مكاسب صغيرة، فهم يميلون بدلاً من ذلك إلى التركيز على حشد أصحاب المصالح حول أهداف كبرى وجريئة.
لا شك في أنّ تحديد هكذا أهداف مهم، ولكنك تحتاج في الدرجة الأولى إلى تطوير الثقة. وإلا، فلن يتقاسم الشركاء مواردهم معك.
وتعتبر المكاسب الصغيرة الطريق الأقصر نحو تطوير تلك الثقة: إذ ساعدت الشركاء على معرفة بعضهم البعض وتطوير قوانين تعاون غير رسمية، الأمر الذي يؤدي إلى الألفة، التي بدورها تؤدي إلى الثقة وتحسين كيفيّة تقاسم الموارد.
فلنلقِ نظرة على شركة «إن تو بيلد» الناشئة، التي ترغب في تعطيل قطاع البناء، من خلال استخدام مواد مركبة جديدة.
وعلى سبيل المثال، يمكن أيضاً استخدام بعض المواد المبتكرة في جسم طائرة «بوينغ دريملاينر» لصناعة ألواح جدارية أو أسقف للمنازل. وتتسم المركبات الجديدة بخصائص أفضل للعزل ومقاومة أكبر للعوامل الطبيعية، كما أن تكلفة تصنيعها قد تقل بكثي عن تكلفة مواد البناء التقليدية.
تتمتع «إن تو بيلد» بشبكة واسعة من التحالفات في مجالَي البحوث والتطوير، فتتعاون مع باحثين من مؤسسة «فراونهوفر» في ألمانيا، و»معهد ماساشوستس للتكنولوجيا» و»معهد الهندسة الميكانيكية والإدارة الصناعية»، أو «أي إن إي جي أي»، وهو منظمة برتغالية متخصصة في البحوث تحظى بمكانة رفيعة.
إلا أن الباحثين في معظم الأحيان لا يشكلون أفضل المتعاونين– حيث يميلون إلى العمل داخل دائرة اختصاصاتهم الأكاديمية من دون الخوض في مسألة التعاون مع مختلف الأقسام، فضلاً عن أن مؤسسات من هذا القبيل معتادة على العمل مع شركات متعددة الجنسيات أو وكالات فضائية وليس شركات ناشئة.
وكان معهد «أي إن إي جي أي» بالأخص يشكك في أهداف شركة «إن تو بيلد» الطموحة.
وكان المكسب الصغير، إنما الحاسم بالنسبة إلى شركة «إن تو بيلد»، يكمن في تنظيم ندوات داخل المعهد، جمعت علماء من مختلف أقسامه لمناقشة كيفية تعطيل المواد المركّبة لقطاع البناء.
وقد علّق الباحثون لاحقاً على الأمر قائلين إنه من غير المألوف بتاتاً أن يجتمع موظفون من مختلف أقسام المعهد في الغرفة ذاتها لمناقشة تفاصيل هدف مشترك – واصفين الأمر بالسابقة في تاريخ المعهد الممتدّ على 25 سنة.
وقد شكل الحدث نقطة تحوّل بالنسبة إلى «أي إن إي جي أي»، الذي بات اليوم جزءاً لا يتجزأ من أنشطة «إن تو بيلد» في مجال البحوث والتطوير.
إذا كانت شركتك تخطط لإقامة تحالف إستراتيجي، فلتركز على تحقيق مكسب صغير أولاً – إذ إن تلك الإستراتيجية تؤتي ثمارها مع العملاء، والمزوّدين والمنافسين على حد سواء.