تطال آثار الرقمنة، وما تسميه شركة «أكسنتشر» «بالتعطيل العظيم» مجمل القطاعات تقريباً في أيامنا هذه. وفي سياق هذا التعطيل، يؤدي الابتكار المغير للقواعد إلى إنشاء خطوط إنتاج كاملة (أو تدمير أسواق برمتها) بين ليلة وضحاها على وجه التحديد.
وأكثر من أي وقت مضى، تسهّل الابتكارات التكنولوجية، المتراوحة بين تحليل البيانات الضخمة والحوسبة السحابية، نفاذ الجهات المتحدية الجديدة إلى التوزيع الشامل ومعلومات السوق العالية الجودة.
أمّا أكثر القطاعات عرضةً للتعطيل فهي تلك التي تبيع خدمات قائمة على المعلومات، يمكن تسليمها رقمياً - وقطاع التأمين هو خير مثال على ذلك.
في هذا السياق، نتوقع أن يتم التداول بعلاوات تأمين تصل قيمتها إلى 400 مليار دولار داخل القطاع خلال السنة المقبلة. وبحسب استطلاع عالمي أجرته شركة «أكسنتشر»، فإن أكثر من ثلثي العملاء قد يفكرون في شراء منتجات تأمين من جهات غير تأمينية، وإن نسبة 23% قد تفكر في شراء منتجات تأمين من مزوّدي خدمات عبر الشبكة على غرار «غوغل» أو «أمازون».
وتعرب الجهات الخارجية، التي تعمل أصلاً على اختبار مقاربات رقمية للتأمين، عن تجاوبها. وفي الآونة الأخيرة، أعلنت شركتا الإنترنت الرائدتان في الصين، «تينسنت» و»علي بابا»، عن تعاونهما مع شركة «بينغ أن» للتأمين، بهدف تقديم منتجات تأمين على الشبكة. وفي العام 2011، استحوذت شركة «غوغل» على موقع beatthatquote.com («بيت ذات كوت») البريطاني لمجموعات التأمين، وأطلقت منذ ذلك الحين مواقع لمقارنة الأسعار في كل من بريطانيا، وألمانيا وفرنسا.
إلى ذلك، يواجه فاعلون جدد حواجز تنظيمية صارمة، لاسيما في ما يتعلق بمتطلبات رأس المال. فقد أمضت شركات تأمين تقليدية عدة عقود تؤسس من خلالها علامات تجارية تحظى بالاحترام، كما وتملك أصولاً «ملموسة» مهمة يصعب الإتيان بمثلها، على غرار خبرات وأنظمة معقدة ذات الصلة بقسم المساندة الإدارية.
غير أن تلك الأصول ستفقد قيمتها في حال لم تعمل شركات التأمين على تطوير قدرات رقمية لتلبية طلبات العملاء المتغيرة. وعلى المستوى الإستراتيجي، تحتاج شركات التأمين، مثلها مثل مزودي الخدمات الآخرين، إلى الانتقال من مجرد بيع المنتجات إلى تقديم «تجارب مفيدة».
وقد أظهرت دراستنا أن العملاء يرغبون بدفع مبالغ إضافية مقابل الحصول على مشورة أفضل وتغطية مصممة بإتقان بحسب حاجاتهم الشخصية.
أمّا بالنسبة إلى كبار المدراء في مجال التأمين، أو في أي قطاع آخر، فلا يتناول السؤال الكبير حول التعطيل الرقمي معرفة ماذا لو حصل، بل متى سيحصل. ومع لجوء المنافسين للتكنولوجيات الإبداعية بغية إطلاق منتجات تناسب طلبات المستهلكين بشكل أفضل، يحتاج القادة إلى اتخاذ خطوات احترازية، أو المخاطرة بمواجهة المصير نفسه الذي عرفته هواتف الخدمة العامة.