لاح بصيص أمل يتشبث به التونسيون اليوم لعله يوصلهم إلى بر الأمان، يتمثل في التوافق الذي ساد جلسة الحوار الوطني ليوم أول أمس والتي أفضت إلى اتخاذ المشاركين قراراً بتنظيم مؤتمر وطني لمناهضة الإرهاب، وذلك خلال الأيام القليلة القادمة. وأفاد الحسين العباسي رئيس اتحاد الشغل الذي يقود الرباعي الراعي للحوار بأن الجلسة التي حضرها رئيس الحكومة المهدي جمعة ورئيس الهيئة المستقلة للانتخابات إلى جانب لفيف من القيادات الحزبية، تقرر خلالها أن يتم البحث خلال هذا المؤتمر عن الإستراتيجية الوطنية الأنسب التي يجب اتباعها لضمان تدخل أنجع لقوات الأمن والجيش.
وأضاف العباسي أن ممثلي رباعي الحوار والأحزاب المشاركة استمعوا خلال الجلسة إلى توضيحات رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والدفاع حول الوضع الحقيقي الذي تمر به البلاد من الناحية الأمنية والجاهزية الأمنية والعسكرية للتصدي للإرهاب.
وفي ما يتعلق بصعوبات مسار الإعداد للانتخابات لاسيما من حيث العزوف عن التسجيل الانتخابي، بيّن رئيس اتحاد الشغل أنه تمّ الاتفاق مع الهيئة المستقلة للانتخابات على إيجاد آليات يتم بمقتضاها تكثيف الحملة التوعوية لتحسين الإقبال على التسجيل، لكنه رفض في المقابل التعليق على مسألة التمديد في آجال التسجيل الانتخابي.
وفي الإطار نفسه، أعلن هنا أن القوات العسكرية عثرت خلال عمليات تمشيط بجبل الشعانبي مساء الجمعة على الجندي المفقود إثر الهجوم الإرهابي بمنطقة هنشير التلة ليلة الأربعاء الفارط مفارقاً الحياة نتيجة تعرضه لإصابات خطيرة. وكان مصدر من وزارة الدفاع أشاد ببسالة الجندي المتطوع واستماتته في الدفاع عن الوطن إلى آخر لحظة من حياته. وهكذا ترتفع الحصيلة النهائية لشهداء الشعانبي الجدد إلى 15 شهيداً فيما لا يزال ثلاثة من جملة 23 جريحاً بصدد مصارعة الموت في غرف العناية المركزة جراء أصابتهم في أماكن حساسة.
وكأن تونس ليس فيها ما يكفيها من أحزان وتوترات واحتقان وغليان ينذر بالانفجار في كل لحظة، فقد أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً شديد اللهجة هددت فيه كل طرف يعمد إلى اتهام حكومة الترويكا برعاية الإرهاب. وأدانت ما وصفته بالتصريحات غير المسؤولة لعدد من الناشطين والمصنفين خطأ من اتهامات وأقوال مغرضة وكاذبة تتهم فيها مسؤولي الدولة برعاية الإرهاب.
وأكدت أن التصريحات الصادرة عن أطراف عرفت بأفكارها ومساعيها الانقلابية وعدائها للمسار الانتخابي وسعيها القديم لحل المؤسسات المنتخبة والدعاية للفوضى والفراغ، والتي لم تستنكف عن استغلال أية مآسي من أجل مصالحها السياسية الضيقة ومغالطة الرأي العام، لا يمكن أن تفت في عضد الدولة وتصميمها على مواجهة الإرهاب وقطع الطريق على كل المساعي الرامية إلى مساعدة الإرهابيين على تحقيق أهدافهم في نشر الفوضى وتحطيم معنويات التونسيين.
وعبرت رئاسة الجمهورية عن استغرابها إزاء صمت النيابة العمومية وهيئة الاتصال السمعي البصري عن كل الخروقات والتجاوزات والتحريض على مؤسسات الدولة والتهديدات التي يقع بثها في وسائل الإعلام، مشددة على أنها ستقوم برفع قضايا قانونية ضد كل التصريحات المسيئة للأمن القومي وضد كل الأشخاص الذين تعمدوا إلقاء التهم الكاذبة جزافاً والتهديد بالعنف في تمرد واضح على القوانين.
وأضاف البلاغ أن رئاسة الجمهورية ستبقى عاملة على مواصلة التعاون مع كل مؤسسات الدولة للقضاء على آفة الإرهاب، في نطاق القوانين المعمول بها، وعلى تسخير كل الإمكانيات لتحسين تجهيز قواتنا العسكرية والأمنية، واضعة نصب عينيها توفير كل الشروط لإنجاز الانتخابات وإنجاحها، باعتبار ذلك أكبر انتصار على الإرهاب وشركائه.
وأعلن المجلس التأسيسي أنه يعقد جلسة حوار الإثنين مع المهدي جمعة رئيس الحكومة ووزيري العدل والداخلية للتباحث بشأن المسائل الأمنية والعسكرية الغامضة والتي كثر بشأنها الجدل منذ حادثة اغتيال الجنود 15 في جبل الشعانبي. وكان مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي، قد صرح أمس بأن المصادقة على قانون المالية التكميلي وقانون مكافحة الإرهاب ومحاربة غسل الأموال لن تتجاوز منتصف أوت المقبل، نافياً أن يكون هناك تباطؤ في تنفيذ رزنامة المجلس الذي قرر أعضاؤه عدم التمتع بإجازة صيفية إلى حين استكمال كافة مهامهم.