لسنا نبحث عن الواقع الثقافي الحضاري المتأصل في دائرة الحوارات الإعلامية المعاصرة، وإنما نبحث عن عقول متحررة من تيارات الفكر العدواني السلبي الذي بدأ يدب صهيله في المجتمعات العربية حتى بدأ تشبيهه بالربيع العربي، فهذا الجسم فيه من الخلايا التي تحارب الكائن العدواني لها، ويجب على العقول العربية أن تحارب العبارات أو الأفكار السلبية محاربة إيجابية مبرمجة برمجة شرعية فقهية ولا تترك برمجتها على صُناع الفساد بتكديس الجُمل والعبارات الخارقة التي غيرة نظرة العالم بمظلات الأهواء الضالة والمنحرفة فكرياً.
ويجب على العقل العربي أن يدرك حجم المسؤولية ووجود العقلانية ويدرك أن الإنسان الأصل فيه الجهل، فإذا أدرك بأن أصله الجهل بدأ يُحرر هذا العقل من الجهل إلى إدراك الصواب.
وعلى العقل العربي أن يحترف البرمجة الفكرية وينساق إلى مضمونها حتى يتحرر من سلبيته العدوانية التي تسببت في عرقلة إنتاج الثقافة الدينية الإسلامية وهذه العرقلة الإنتاجية مخالفة للأصل في الوجود كما قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} فلا سبيل غير سبيل إنتاج الدين الإسلامي للعالم كما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدون.
فالعالم اليوم يشهدون صراعات عكست لهم مفهوم حضاراتنا بما أسموه بالربيع العربي، فرسخت إلى عقولهم بأن ثقافة العرب المسلمين صراعات ونزاعات وقتلٌ ومقتول، وبذلك يرون أن راية الإسلام راية قتال وعدوان، ولا سبيل لها غير هدر الدماء وإفساد البلاد وتشرد العجائز والأطفال، فهم فوضويون بعكس ما يكونون اصلاحيين.
ومن هذا المنطلق ينبغي على العقول العربية أن تعقل ما هم في شأنه من انحلال فكري ويجب تحريره بصور إيجابية تعكس للعالم حضارات المجتمعات الإسلامية بصور فكرية عقلانية تجمعها زخرفات حكيمة مؤصلة بإمعان فقهي وشرعي.