توقع خبراء ومحللون اقتصاديون أن تشهد السوق المالية السعودية مزيداً من تحقيق المكاسب، خاصة بعد إجازة عيد الفطر، واستمرار إيجابية الاستثمار فيها، لا سيما مع إعلان الشركات عن نتائجها المالية للربع الثاني، مؤكدين على ضرورة إيجاد نوافذ للتأثير على زيادة جاذبية السوق من جهة، ومن جهة أخرى تمنحه جداراً صلباً واقياً تجاه العوامل السلبية في الخارج، بما يدعم زيادة مناعة السوق تجاهها.
وقال الاقتصادي محمد العمران إن ما حدث للسوق السعودي من تصحيح بسيط كان نتيجة طبيعية لما حدث من تصحيح قوي في بعض الأسواق الخليجية، و من ضمنها سوق دبي، بينما يبدو لنا ان أحداث العراق لم يكن لها تأثير قوي على السوق السعودي بل أن التحركات الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة ووصول الخبراء الأمريكين قلص من المخاطر الجيوسياسية في المنطقة عموما وهذا بالتأكيد إيجابي للمملكة.
وعن الفرص في السوق السعودي، قال العمران: نعم، هناك فرص في السوق السعودية خصوصا مع إعلان الشركات عن نتائجها المالية للربع الثاني والذي يشهد دائماً نموا عن الربع الاول، إضافة إلى ذلك فإن التصحيح القوي وارد لأي سوق في أي وقت لكن تاريخيا لا يمكن أن يحدث ذلك للسوق السعودية، بينما أسعار النفط تسجل مستويات عليا جديدة. بالنسبة للسيولة فمن الطبيعي أن تنخفض مع بدء موسم الإجازات ودخولنا في شهر رمضان الكريم، إضافة إلى حالة الترقب بين المستثمرين لكنها فترة مؤقتة ستعود بعدها السيولة للارتفاع بعد إجازة عيد الفطر السعيد.. و الله أعلم.
وتشير التوقعات إلى استمرار تلك الإيجابية، وأن تشهد السوق مزيداً من تحقيق المكاسب، خاصة بعد إجازة عيد الفطر، قياساً على استمرار العوامل المذكورة سالفاً، وزيادة تأثيرها مستقبلاً. كما أنّ على المستثمرين تجاهل المقارنة السطحية بين قيمة المؤشر الحر بمستواه في الوقت الراهن، مع القمّة السابقة التي وصل إليها المؤشر العام في نهاية فبراير 2006م، وذلك للاختلاف الكبير الذي طرأ على آلية احتساب المؤشر. حسب إغلاق الأحد الماضي في 6 يوليو 2014م بلغت قيمة المؤشر الحر للسوق نحو 9752 نقطة، وهي تعادل وفق آلية المؤشر العام بطريقته القديمة نحو 13197 نقطة! وعليه فالقمة السابقة للمؤشر والأعلى في تاريخه التي بلغت 20634 نقطة، تعادل وفق معادلة احتساب المؤشر الحر اليوم مستوى قريب من 15300 نقطة! وهو ما يعني اقتراب المؤشر في الوقت الراهن منها عاماً بعد عام، وقد لا يستغرق الوصول إليها أكثر من عامين قادمين إن لم تكن أقل.
من جهته، أشار الاقتصادي عبدالحميد العمري إلى أنه يجب أن تبدأ النظرة للسوق المالية السعودية بصورةٍ أكثر عدالة من نهاية عام 2012م، التي بدأ من حينها رحلة الصعود المستمرة، التي لم يتخللها إلا شهران فقط تعرض خلالهما لجني أرباح قصير، أسهم في مراحل تالية في زيادة تدفق السيولة، وكلا الانخفاضين في فبراير وأغسطس 2013 كانا -0.6% و 01.9% على التوالي، نتج الأخير عن عوامل خارجية، فيما ظلت العوامل الداخلية اقتصادياً ومالياً تدعم صعود السوق، وتجتذب مزيداً من سيولة المستثمرين، ويدخل بطبيعة الحال في صلب تلك العوامل النمو المستمر الذي شهدته أرباح الشركات المدرجة في السوق، خاصةً الكبرى والمتوسطة، لتسجّل بنهاية العام الماضي نموها الإيجابي للعام السادس على التوالي، وهو ما حسّن من جاذبية الأصول الرابحة في السوق، في الوقت الذي وصلت إليه إلى مستوياتٍ من الأسعار تعتبر جاذبة، قياساً على مكررات الأرباح والقيم الدفترية مقابل قيمها السوقية المتدنية.
وأشار العمري إلى أن العوامل وغيرها المرتبطة باستمرار الانفاق الحكومي القياسي الذي تشهده البلاد طوال عقدٍ مضى، لا بد أن تجد نوافذها للتأثير على زيادة جاذبية السوق من جهة، ومن جهة أخرى تمنحه جداراً صلباً واقياً تجاه العوامل السلبية في الخارج، والتي تثبت التجربة زيادة مناعة السوق تجاهها.
وذكر العمري أنه قد يكون وعي المتعاملين مؤثر، ولكنه ليس بالعامل الأقوى في الوقت الراهن، ولا يبدو أنّه سيكون هو المعول عليه حتى في منظور الأعوام القادمة، خاصةً مع بقاء اهتمام الأغلبية بالشركات المضاربية على حساب الشركات ذات العوائد.
كما أن العامل الأهم في هذا الجانب هو زيادة ترسخ الاستثمارات المؤسساتية وتحديداً الصناديق الاستثمارية، التي لم تتعد مساهمة الأخيرة في السوق حتى اليوم نسبة 1.5% من القيمة الرأسمالية للسوق، كما لا تزال تشهد ضعفاً في أعداد المشتركين فيها على الرغم من زيادة أعدادها في السوق.
كما ذكر العمري أن السيولة قد لا تعكس أهمية في الأجل القصير، قياساً على ارتباطها بعوامل غير دائمة وموسمية، إضافةً إلى التأثر القصير الأجل بناءً على بعض المستجدات الطارئة محلياً أو خارجياً، لكنها في الأجل المتوسط والطويل لا تزال تعكس قوةً في دخولها إلى السوق، وهو ما تحمله حقيقةً السيولة الاستثمارية لصناع السوق إن صح التعبير، التي رأت ولا تزال ترى إيجابية الاستثمار في السوق المحلية منذ نهاية 2012م.