عادت العشوائية والفوضى إلى سوق البطحاء مرة أخرى، وانتشر الباعة الجائلون من جميع الجنسيات في كل مكان، لتعود الأسعار مجدداً إلى سيطرة الوافدين، يوجهونها وفقاً لما يحلو لهم.
جولة «الجزيرة» رصدت عودة أكثر شراسة للباعة الجائلين، المرور سيراً على الأقدام بات أكثر صعوبة من ذي قبل، واحترس، فقد تضع قدميك في صندوق من الفواكه، أو قد تصطدم يداك عن غير قصد «باستاند» ملابس تطرحه أرضاً ليتوقف السيل البشري ويضطرب الطريق وتلاحقك لعنات وربما بعض اللكمات من هنا أو هناك، السلع الغذائية تقبع في هدوء قاتل بجوار حاويات القمامة، روائح الخضار والفواكه استسلمت إلى السم المنبعث من هذه الحاويات لا ينافسها إلا عوادم السيارات والأتربة المتصاعدة جراء البشر الزاحف في كل اتجاه، حتى الحشرات والحيوانات بأنواعها اتخذت منها مرتعاً، والضحية في النهاية هو المستهلك.
تذكرنا تصريح رئيس بلدية البطحاء قبل فترة بانتهاء ظاهرة الباعة الجائلين حين تحدث المواطن سالم الزهراني لـ«الجزيرة» متسائلاً عن دور البلدية: طالبنا عدة مرات باتخاذ الإجراءات اللازمة، ولم نجد منها إلا وعوداً، فأنا أمتلك محلاً لبيع الملابس الجاهزة في سوق البطحاء، وباعة الخضار والفواكه يشغلون الرصيف ويسببون لنا ولعملائنا كافة أنواع المضايقات، إضافة إلى أنهم أغلقوا واجهات المحلات».
وقال: يتركون مخلفاتهم من السلع غير الصالحة، لتسكن روائحها الكريهة بالمكان، وتجلب إليها الحشرات والحيوانات، الأمر أصبح لا يطاق، ويجب على البلدية تكثيف جهودها وملاحقتهم لأنهم أساؤوا إلى هذا السوق العريق وغيروا في طابعه التجاري.
المواطن أبو صالح الحسن قال: الأسعار هنا رخيصة عن المحلات، لكننا لا نضمن جودتها وصلاحيتها وما إذا كانت ملوثة أم لا، فسعر كيلو العنب بـ 5 ريالات بينما في محلات الخضار بـ 10 ريالات وبعض أنواع الخضار تباع هنا بسعر 6 ريالات للكيلو وفي المحلات يصل سعرها إلى 15 ريالاً، ولكننا نخشى أن تكون ملوثة بعوادم السيارات كونها مكشوفة ومعرضة للغبار والأتربة، أما الأسعار فجيدة جداً.. المستهلك بات مخيراً بين أمرين كلاهما أكثر مرارة من الآخر، فإما أن يختار السعر الأرخص غير المضمون صحياً، أو الاستسلام لابتزاز المحلات «التي تخضع غالبيتها أيضاً لسيطرة الوافدين» بالسعر المبالغ فيه، هذا ما قاله أحمد علي من إحدى الدول العربية، مبيناً أن المنتجات المعروضة في الشوارع سعرها رخيص ولكنها ملوثة وغير مضمونة بالتأكيد، وملاّك المحال يعلمون ذلك ويرفعون الأسعار.
عدة ساعات تجولت فيها «الجزيرة» داخل سوق البطحاء، الحال لا يسر عدواً ولا حبيباً، منتجات معجونة بروائح القمامة وعوادم السيارات والأتربة، تقتحمها الحيوانات والحشرات كل حين، الكل أجمع على تردي الوضع عن ذي قبل، البعض انتابه اليأس من وجود حل تنظيمي يقضي بشكل نهائي على هذه الفوضى، والبلدية لا حس ولا خبر.