وقف بشموخ فوق أعلى أحد الأبنية الطينية في حي شعبي قديم في عروس الشمال حائل، وقد حلق بأجنحة الاشتياق والذكريات لطفولته الأولى، كان المنزل مهجورا إلا أنه استعاد بهجة المكان من خلال إحساس عال من رجل الوفاء ابن حائل البار معالي الدكتور ناصر بن إبراهيم الرشيد فشده بقاء وصمود تلك الأبنية الطينية، فكركثيرا وحمل في أجندته مشاريع دعم جديدة لتلك المباني في الأحياء القديمة في حائل، وأشعرني من خلال هذا الموقف مدى رأفته ومحبته بمكونات تلك المباني، والتي ربما ناجته ولم نسمعها، واستحثته ولم يتجاوب معها غيره، رغم أننا كنا حوله، ولم نسمع تلك المناجاة، ورغم أننا رأيناها بصراحة مجرد بقايا طينية، وهو بعشقه لوطنه وللمكان ولأهله رآها غير ذلك، وحملني شخصياً هذا الموقف لأسافر في خيال بعيد متسائلا في نفسي عن حجم الوفاء وصدق الانتماء من هذا الرجل لوطنه وناسه وأهله، وهي المشاعر التي لابد أن تبرز وتدرس في وقتنا هذا وفي الظروف المحيطة في وطننا، مع أهمية أن تكثف مشاعر الوطنية في قلب كل منتم لبلادنا الطاهرة وقيادتنا الغالية. واستمرارا لحلقات وجوه حائلية تواصل (الجزيرة) استعراض ملامح وطنية سخية في سيرة معالي الدكتور ناصر الرشيد الذي كانت آخر وقفاته الداعمة لجمعية الأطفال المعوقين والتي توجت بشكر وثناء من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين، ولأن محطات الدعم الخيري والإنساني كثيرة وعديدة، ولأن منهجه في أسلوب الدعم الخيري مختلف ومرتكز على قواعد علمية وتعليمات منظمة، بعيدة عن خدمة فرد مهما كانت قرابتهن أو ردة فعل عشوائية لموقف مصادف وعابر، وإنما هناك فكر وأنموذج عمل يدعم فئة أو مجتمعا أو مرفقا يرتاده الآلاف أو الملايين مع وضع آليات دعم أخرى مساندة لاستمرارية النجاح كأوقاف استثمارية تكون خاصة لمصاريف التشغيل وتوفير أعلى درجات الصيانة لاستمرارية نجاح المشروع الخيري أو الخدمي الذي أنشأه، ولكيلا أطيل في هذه المقدمة إليكم التفاصيل، والسؤال الأهم يتردد في نفسي كم عدد المشاريع الخيرية التي دعمها الدكتور ناصر الرشيد داخل الوطن وخارجه وفي منطقة حائل وغيرها، ولمن لا يعرف فهي بالآلاف، وليس هناك ولو مشروع واحد منها لا يعمل أولا يقدم خدمات نوعية، فكلها رغم تقادم السنوات تسير من نجاح إلى نجاح، فما هي كلمة السر في ذلك، وفي التالي لعلنا نجد الإجابة.
جائزة حائل كرمته
ففي منطقة كحائل سخية مع كل قادم وزائر إليها، فكيف بابنها البار، وأحد رموز العطاء الخيري والاجتماعي والوطني في المملكة، فكان التكريم هو العنوان الكبير الذي قابلت به حائل المنطقة والناس مبادرات معالي الدكتور ناصر الرشيد، فجاء التكريم من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل الذي قفزت في دعمه الجمعيات الخيرية بمنطقة حائل من جمعية خيرية واحدة إلى ما يقارب خمسين جمعية خيرية تخدم كافة المحافظات، والتي هي أيضا قفزت من ثلاث محافظات إلى ثماني محافظات، مع افتتاح فروع لجامعة حائل بالمحافظات لأول مرة، ووصول مياه الشرب لها جميعا رغم المسافات ورغم حالة العطش التي كانت عليه سابقا، فكان سموه خير من يقدر وقدر إسهامات الدكتور ناصر الرشيد واستحق معاليه جائزة حائل للأعمال الخيرية، وكرمه سموه في حفل الجائزة وأطلق على أكبر دار للأيتام في الشرق الوسط تم بناؤها في مدينة حائل مركز الدكتور ناصر الرشيد لرعاية الأيتام بعد أن تبرع بقيمة إنشائها بأكثر من مائة وعشرين مليون ريال بمرافق حديثة وخدمات متكاملة حولت المبنى والمركز إلى ما يشبه فنادق ذات الخمسة نجوم لينعم بها أبناء المركز من الجنسين.
حب الوطن أفعال
كثيرا ما تحمله ظروفه العملية للترحال، خارج الوطن، إلا أن الدكتور ناصر الرشيد أثبت عمليا وبالأفعال مدى محبته وارتباطه بالوطن الكبير مملكتنا الغالية، وبمنطقته المحبة له حائل، فجعل من الفاعلية والتجاوب منهجا له مع أي مبادرة وطنية تستحثه على العطاء والدعم باتجاهات خيرية وخدمية واجتماعية، خصوصا إذا ما كانت تلك المبادرات مبنية على أسس بناء سليمة، فهو عشق النجاح وعاش به ولا يريد لأي مسار أو مشروع يدعمه ويخدمه إلا النجاح، إنها سيرة عصامي بنى نفسه بنفسه من الصغر وتسلح بأفضل المستويات العلمية، ثم مارس عمليا أهم وأفضل المهام العملية الإنتاجية لخدمة الوطن وتفوق، واليوم سخر نفسه وماله لخدمة وطنه ومجتمعه والفئات الأكثر احتياجا ويقدم لها ومن خلالها نماذج دعم وعمل وخدمة متقدمة وبأساليب حديثة تجعل منها أنموذجا يحتذى به في كيفية بناء المشاريع الخيرية والاجتماعية المستدامة، واتضح منهجه الذي يطمح لتطبيقه في مجالات الدعم المالي للمشاريع الخيرية والاجتماعية وحتى الثقافية من خلال مركز الدكتور ناصر الرشيد لرعاية الأيتام والذي يعتبر أكبر دار للأيتام في الشرق الأوسط، فكان يركز على أن البرامج التي تطبق في خدمة الأيتام عنده أهم من المباني، وذلك بعد أن اطمأن على إنشاء مبان عملاقة شامخة في عروس الشمال في جوار جبال أجا الشامخة لتنافسها بالارتفاع والتحليق بطموحات أيتام ولدوا ووجدوا أنفسهم في هذه الدنيا بلا آباء، فاستحدثت برامج جديدة لأول مرة تطبق على مستوى المملكة في مركز الدكتور ناصر الرشيد بحائل بدعم من القيادة الحكيمة وحرص واهتمام من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل الذي كان مع هؤلاء الأيتام منذ أن وطأت قدمه للمنطقة، فكانت أول زياراته في المنطقة للدار الاجتماعية التي كانت مستأجرة في مبنى قديم فأحاطهم سموه برعايته واهتمامه وهداياه المتواصلة، فتطورت خدماتهم عاما بعد عام حتى تبرع الدكتور ناصر الرشيد بإنشاء المركز الحديث ورعى حفل افتتاحه سموه، مشيدا بالرجل الوطني وبإخلاصه لوطنه وقيادته ومحبته لمسقط رأسه، فكانت أن تفاعلت وزارة الشئون الاجتماعية بشكل مدهش ورائع مع كل توجهات الدكتور ناصر الرشيد ورغبته في إحداث تطوير عملي في البرامج المقدمة للأيتام، وكان معالي وزير الشئون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين أنموذجا أيضا للوزير المسئول والإنسان والمتفاعل مع اتجاهات مبرع، فنجح ونجحت وزارته أكثر من جهات ووزارات أخرى لم تستطع أن تحقق بشركاتها مع تبرعات الدكتور ناصر الرشيد سقف النجاح الأعلى بسبب أنظمة بيروقراطية لم تستطع أن تطوعها من أجل خدمة أفضل للمستفيدين من المرفق المتبرع بإنشائه.
أبحاث جامعة حائل
واختار الدكتور ناصر الرشيد جامعة حائل لتكون بوابة لأفكاره وطموحه لمستقبل أفضل لمنطقة حائل، خصوصا مع النهضة الشاملة لمناطق المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والقفزات التطويرية الشاملة التي تعيشها المنطقة في ظل الفكر الإداري المتقدم من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الذي حول المنطقة إلى منطقة جاذبة لأهلها وللزوار والمستثمرين والعاملين فيها من مختلف المناطق وبالكثير من المرافق بالمنطقة، بعد ارتباط المنطقة بطرق دولية سريعة وأخرى مزدوجة بمختلف المناطق المحيطة بها، فكانت مبادرات معاليه أولا بإنشاء كرسي طبي يعنى بأبحاث الفشل الكلوي ومن خلاله كانت الكثير من البرامج الجديدة البحثية والعملية التي طبقت في حائل لأول مرة، ثم مبادرة معاليه بإنشاء كرسي الدكتور ناصر الرشيد لدراسات حائل، ثم كرسي الدكتور ناصر الرشيد لرواد المستقبل بمتابعة من معالي مدير جامعة حائل الدكتور خليل بن إبراهيم البراهيم الذي أكد أن نجاح تجربة الجامعة مع كرسي الدكتور ناصر الرشيد لأبحاث الوقاية من أمراض الكلى قادت نحو مبادرة معالي الدكتور ناصر الرشيد لدعم كراسي علمية جديدة، وهي كرسي البحث العلمي رواد المستقبل، وكرسي البحث العلمي عن دراسات حائل، فكانت هذه المبادرات البحثية والعلمية لرجل بقامة الدكتور ناصر الرشيد خير شهادة إثبات لقدرة جامعة حائل وتميزها في كراسي البحث العلمي على مستوى الجامعات بالمملكة، وجاء تبرع الدكتور ناصر الرشيد بإنشاء مقر حديث لنادي حائل الأدبي، كأول ناد أدبي، بالمملكة ينشأ له مقرحديث بدعم من متبرع سخي ليؤكد شمولية عطاء هذا العاشق لوطنه ومنطقته ومجتمعه وحرصه لخدمة مختلف الفئات، ومنح الثقافة بمفهومها الواسع آفاقاً رحبة للانطلاق ودعم الموهوبين والموهوبات، ولا نستغرب إذا ما جاء معاليه بشراكته الداعمة لأدبي حائل بمبادرات وبرامج جديدة تطبق لأول مرة بالمملكة على غرار ما قام به من تبرع بإنشاء مقر حديث لدار الأيتام وتطبيق برامج متقدمة، وكذلك في مركز الأمير سلمان بن عبدالعزيز لرعاية الأطفال المعوقين بحائل والذي تبرع بإنشائه بأكثر من ثلاثين مليون ريال، ولا زال إحدى العلامات الخدمية المميزة والفريدة ببرامجها المتقدمة للمستفيدين منها ولذويهم، بحرص من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين، صاحبالقلب الإنساني الكبير وصاحب الرؤية الثاقبة لكيفية إشراك كافة رموز العمل الخيري بالمملكة ببرامج خيرية داعمة لأهم فئة من مجتمعنا مستحقة للوقوف معها وهي فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وشهد المركز أيضا برامج متقدمة وحديثة تطبق لخدمة الأطفال المعوقين في نفس توجه الدكتور ناصر الرشيد، ولكن في هذا الموقع وجدت بيئة علمية وإدارية ناجحة، حرص على إيجادها الأمير سلطان بن سلمان بكافة فروع جمعية الأطفال المعوقين بمناطق المملكة، وتفوق من خلالها مركز الأمير سلمان بن عبدالعزيز بحائل إدارياً وخدمياً بمتابعة من مدير المركز عبدالله العجلان، فكان بالتالي الدكتور ناصر الرشيد قاسما مشتركا مع كل نجاح وفي كل اتجاه يدفعه لذلك الحب الحقيقي لوطنه والرؤى المتقدمة.
لغة الأرقام تتكلم
وليس غريبا عليه ذلك وهو الذي له ثلاثة مؤلفات باللغة الانجليزية، وحصد أوسمة وجوائز دولية عديدة، وشملت تبرعاته معظم مناطق المملكة ومختلف الاتجاهات الخيرية والاجتماعية والصحية والثقافية والإعلامية والوطنية، بل امتد دعمه لخارج الوطن، وأسهم خيريا في دعم المسلمين والعرب ضمن وقفات المملكة مع أشقائها وتفاعل رجال الخير فيها ومنهم الدكتور ناصر الرشيد بتقديم يد العون لكل المحتاجين وأنشأ على نفقته الخاصة مركز الملك فهد للأورام وسرطان الأطفال ومشروع توسعته بتكلفة إجمالية بلغت حوالي (500.000.000 ريال) خمسمائة مليون ريال، ويعتبر هذا المركز الذي يعنى بأبحاث وعلاج الأطفال المصابين بالسرطان المركز الثاني على مستوى العالم المتخصص في هذا المجال, وقد أضاف له توسعة جديدة، وعولج في المستشفى ما يزيد على 8000 حالة سرطان أطفال حتى نهاية عام 2007م، وأنشأ على نفقته الخاصة مركز الدكتور ناصر إبراهيم الرشيد لطب العيون بحائل بتكلفة بلغت (25.000.000) خمسة وعشرين مليون ريال، ثم تم تطوير وتجديد المركز وأجهزته الطبية بمبلغ (7.000.000 ريال) سبعة ملايين ريال، ثم توالت برامج الدعم من معاليه لتطويره، وأنشأ على نفقته ما يزيد على مائة وأربعة عشر مسجداً وجامعاً في مدينة حائل والقرى التابعة للمنطقة، وأوصل على نفقته الكهرباء والماء لبعض قرى حائل، وأنشأ على نفقته مبنى الوقف الخيري (السكني والتجاري) للجمعية الخيرية بحائل، وأنشأ على حسابه أربع كراسي بحثية جديدة بجامعة الملك سعود في أمراض القلب وأمراض العيون ولرواد المستقبل والوقاية من المخدرات، بمبلغ (28.000.000 ريال) ودعم مالياً عدة مرات شعبة توعية الجاليات بحائل مادياً وعينياً، وتجهيزمقابر مدينة حائل بسيارات نقل وحفار قبور، ودعم مالياً تأسيس قناة نايلات الفضائية، ودعم مالي آخر لجمعية البر الخيرية بحائل بمبلغ (1.000.000 ريال) مليون ريال عند التأسيس، ومبلغ (60.000 ريال) سنوياً لمدة عشر سنوات، وساهم في وقف الجمعية بمبلغ (1.000.000 ريال) مليون ريال، ودعم لجنة رعاية أسر السجناء والمفرج عنهم بمنطقة حائل بمبلغ (100.000) مائة ألف ريال عام 2004م، ودعم مالياً رالي حائل عند بداية انطلاقته عام 2007م بمبلغ نصف مليون ريال، ودعم نادي الطائي مادياً وعينياً طوال السنوات الماضية ولا زال، ودعم نادي الجبلين مادياً وعينياً طوال السنوات الماضية ولا زال، والراعي الرئيسي للمعرض الفوتغرافي لمصوري منطقة حائل بمقر (بيت حائل) بالجنادرية، ودعم مالي لاحتفالات الأهالي بمناسبة رالي حائل 2008م بمبلغ (300.000 ريال)، والمشاركة مالياً بمناسبة زيارة خادم الحرمين الشريفين لمنطقة حائل بمبلغ (500.000 ريال) خمسمائة ألف ريال، وأنشأ حديقة (لبده) العامة في مدينة حائل على مساحة (1000م) تقريباً.