حتى إذا كانت شركتك تتمتع بقاعدة موظفين سليمة وميزانية عمومية قوية، من المرجح جداً أن تكون واقفة على أبواب نقص حاد في المدراء المؤهلين. وقد توصلت إلى هذا الاستنتاج عام 2007، بعد عملي مع نيتين نوهريا، العميد الحالي لكلية الأعمال في جامعة هارفارد، وزملاء في شركة «إيغون زندر» المتخصصة في مجال البحث عن الكفاءات التنفيذية، بهدف تقييم آثار ثلاثة عوامل – ألا وهي العوملة، والديموغرافيا، وخطوط القيادة – على المنافسة حول المواهب المؤهلة للمناصب العليا ضمن منظمات كبيرة. وقد أخضعنا 47 شركة للدراسة، شاملين في تغطيتنا كافة المناطق والقطاعات الأساسية. وقد أنذرت النتيجة بالخطر: إذ إن 15% فقط من الشركات في الأمريكتين وآسيا، وأقل من ثلث الشركات في أوروبا، توظف عدداً كافياً من الأشخاص الأكفاء لقيادتها في المستقبل. وتظهر بيانات الإحصاءات والبحوث الجديدة التي جمعناها، أن الأمور ازدادت سوءاً. وفي التفاصيل، ترغم العولمة الشركات على تحقيق مشاريع في أسواق جديدة، وتوظيف من يستطيع إعالتها على ذلك. وقد توقعت الشركات التي شملناها في دراستنا عام 2007، أن تزيد عائداتها من الأسواق النامية بنسبة 88% بحلول سنة 2012، ولم يكف هذا النمط عن الاحتداد. إذ تتوقع شركة «إرنست أند يونغ» مثلاً أن تشارك المناطق الناشئة بنسبة 70% في النمو العالمي خلال السنتين القادميتن. هذا ويبدو أثر الديموغرافيا على مجموعات الموظفين المرشحين واضحاً هو أيضاً. إذ تكمن الشريحة الأجدى لكبار الموظفين التنفيذيين الصاعدين ضمن الفئة العمرية المتراوحة بين 35 و44 سنة، ولكن نسبة الأشخاص المنتمين إلى هذه الشريحة تسجل انحداراً حاداً. ومنذ عقد من الآن، انعكس نقص القادة الصاعدين سلباً على الولايات المتحدة وأوروبا في الدرجة الأولى. بيد أن العديد من الاقتصاديات الكبيرة الأخرى، بما فيها روسيا وكندا، سيشهد تفوقاً لعدد الأشخاص الذين بلغوا سن التقاعد على عدد الذين وصلوا إلى سن العمالة، بحسب آراء الخبراء.
أمّا الظاهرة الثالثة، فهي متصلة بما سبق ذكره ولكنها تبقى أقل شيوعاً: لا تعمل الشركات على تطوير خطوط قيادتها المستقبلية بالطريقة بالمناسبة. ولا تزال مواطن الخلل التي لمسناها في دراستنا السابقة قائمة. ففي استطلاع نفذته شركة «برايس وترهاوس كوبرز» عام 2014 وشمل الرؤساء التنفيذيين لشركات في 68 دولة، تبين أن نسبة 63% كانت معنية بتوفر المهارات الأساسية على كافة المستويات في المستقبل. وتساهم تلك العوامل مجتمعةً في تأجيج نيران الحرب المفتوحة من أجل إيجاد المواهب التي ستستحدث تحديات لا سابق لها بالنسبة إلى غالبية المنظمات. ولكنها تجسد كذلك فرصة ضخمة أمام القادة العازمين على إحاطة أنفسهم بأفضل العناصر. ويكمن السؤال في معرفة كيف أن شركتك تواكب منافسيها، وماذا يمكنك القيام به لتضمن ألا غبار على ممارساتك لإدارة المواهب.