ما يقع بين أروقة مدرسة شهر رمضان المبارك من آثار تربوية متعدِّدة مفيدة تقوي الفرد والمجتمع بكامله.
والمتأمل في رسالة تلك المدرسة سيجد أهدافا وغايات يحدثها هذا الشهر الفضيل من آثار على الفرد والمجتمع بأسره، سواء في الجانب الجسمي والنفسي والتربوي والاجتماعي والأخلاقي، فهي تعزز على بناء النفس البشريَّة وتهذب السلوك الحسن وتنمي الضمير على أبجديات الخلق كالأمانة والإخلاص والخلق، وتنمي الإرادة والقدرة على اتخاذ القرار لدى الأفراد ليكتسبوا القدرة على تحمل الصعاب وتدريب الفرد على الصبر والتعاون والطاعة، فالتربية تعتبر في حد ذاتها أداة في صنع أفراد المجتمع، فمدرسة شهر رمضان المبارك يتخرج منها الصائمون بكل هذه المعاني السامية سابقة الذكر - فالصائم إذا أدى واجباته بكل أمانة وإخلاص كما ينبغي فهو موسم لتجديد الصلة مع خالق هذا الكون العظيم فإن مدرسة رمضان الكريم تحيي المشاعر والأحاسيس وتجدد الهمم والعزيمة والإصرار كل عام وترسخ القيم النبيلة والمفاهيم القيمة، ولاشك أن المرء إذا أحسن التوجيهات التربوية على الطريقة الصحيحة قد يستفيد الشيء الكثير والكثير من هذه المدرسة.
فالصيام يعتبر للمرء فرصة سانحة في العلاج الكثير من الأمراض بالإضافة إلى أنه فرصة مهمَّة يستجم فيها الجهاز الهضمي حتى يعود بعدها أكثر حيوية ونشاطاً لمجابهة ظروف الحياة ومصاعبها، ويتعود المرء على الصبر وضبط النفس ومراقبة الباري -عزَّ وجلَّ- وكل تصرفاته وأفعاله وأعماله التي تقيه شر نفسه وهواه فالجسم كما يقوى بالرياضة فإنه يقوى بروح الصيام، ومن هنا تتكون لدى النفس البشرية روح المراقبة لله -عزَّ وجلَّ- ويتضاعف الثواب والأجر، وهذا هو سر الحديث الذي ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال الله -عزَّ وجلَّ- (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به) رواه الإمام مالك.
ولهذا يجب على كل واحد منَّا أن ينتهز هذه الفرصة الجميلة لاستفادة من مدرسة هذا الركن العظيم التربوية على تعود الأبناء على تأدية هذا الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة على الصيام والقيام منذ الصغر حتى يتعودوا على الطاعة والأمانة والإخلاص عن طريق الممارسة العملية وعلى نظام يجمع الجميع في وقت واحد على مائدة واحدة.
فالصيام وسيلة للتربية وتدريب عملي على ضبط النفس وتطهيرها من الشوائب كافة ونظافة جوارحها وإصلاح قلوبها وأفئدتها كما أنه يغرس في النفس الشعور بالآخرين ويرقق القلوب والأفئدة ويرهف وجدان الأمة حتى يدلها على أوجه التكافل الاجتماعي، حيث إنه موسم خير ينتظره إخواننا في العقيدة في تلمس أحوالهم الاقتصادية والمادَّية فيجب على المرء أن يدفعه الإحساس والمروءة والشهامة لمساعدة هؤلاء الفئة.
فالصوم زكاة للجسم في طاعة رب العباد ودعوة للإنفاق والتخلص من شهوات المال لأنه شهر الصفاء الروحي الذي يقوي عزائمنا في شهر الجهاد بالنفس حتى نحقق جانب التحصين والتطهير من الشوائب التي قد تكون ألمت بالنفس، والبدن طوال العام.
فالمسلم يسعد كثيراً أنه استفاد من مدرسة هذا الشهر الكريم من دروس ومواعظ وعبر وتوجيهات سديدة.