شهدت السنوات الأخيرة توجه عدد من الشباب السعودي إلى المهن السياحية في المنشآت والخدمات السياحية في مختلف مناطق المملكة، إذ يعمل الآن الكثير منهم في قطاع السياحة الذي يعد القطاع الثاني في نسبة السعودية وخصوصاً في الفنادق والإرشاد السياحي ووكالات السفر والسياحة وتنظيم الرحلات السياحية وغيرها. ويعد القطاع الفندقي من القطاعات السياحية الأكثر جذباً للشباب السعودي الذي تفوق في مجال عمله.
عبدالرحمن المنصور.. أفضل موظف خدمة عملاء في الفنادق
ومن هؤلاء عبد الرحمن المنصور الذي حصد جائزة أفضل موظف في خدمة العملاء في قطاع الفنادق في تنافس مثير مع عدد من الموظفين. ويقول عبد الرحمن: «عملت تحت إدارات متعددة من بينها مدير هندي، وهو ما يرفضه بعض الشباب السعوديين في العمل». ويعد إصرار عبد الرحمن في الحصول على الوظيفة والتدرج في تحقيق مزايا له قبل أن يصل لمستوى مدير خدمة العملاء، حيث يقول: «تابعت مع مديري الهندي وتعلمت عدداً من الفنون التي يجب أن يتحلى بها موظف خدمة العملاء قبل أن يتم إسناد مدير خدمات العملاء في فندق موفنبيك بريدة». ويبين أن العديد من السعوديين يرون أن العمل الفندقي غير مجد رغم أنه من الممكن تحقيق قفزات عملية في العمل فيه متى ما وجد الصبر لدى الموظف، مشيراً إلى أنه تدرج في العمل وجرب العديد من الفرص مهما صغرت، فهو عمل في مطاعم وقبلها في شركة سيارات.
منال الزيداني.. أول وأفضل طاهية سعودية
مثال آخر ناجح على العمل في القطاع الفندقي وأول طاهية سعودية على جائزة التميز السياحي كأفضل طاه في السعودية خلال حفل توزيع جوائز التميز السياحي 2013، وهي منال الزيداني التي تعمل مع فريق الطهاة في (حرفة كافييه) الجائزة من بين طهاة عالميين يعملون في فنادق السعودية ذات الخمس نجوم. وتعد الزيداني (33 عاماً) أول امرأة سعودية تشارك في مسابقات وجوائز للطهاة في السعودية، وتطمح لحصد جوائز عالمية أخرى في هذا المجال، خصوصاً فيما يتعلق بأطباق الحلويات. وتشرف منال الزيداني على (حرفة كافيه) أحد منتجات جمعية (حرفة) التعاونية النسائية في القصيم، التي تأسست قبل نحو خمس سنوات لدعم الحرف والأسر المنتجة في السعودية وفق برامج تعمل عليها الجمعية. وتقول: (لم يكن في مخيلتي يوماً من الأيام أن أشارك في مثل هذه الجوائز وأحققها من بين طهاة فنادق الخمس نجوم في المملكة). وأضافت: أحببت الطهي ودخلت مع والدتي في المطبخ في طفولتي وبرعت في مجال الحلويات، وكانت طلبات عائلتي لبعض أنواع الحلويات التي أعملها ملفتة لي بشكل ملحوظ ولم أكن أتوقع أني أجيدها.
وتشير الزيداني أن نقطة التحول بدأت حينما شاركت في مناسبة عامة بأطباق متعددة من الحلويات، حيث كان السؤال عن اسم الفندق الذي أعد هذه الأصناف المميزة، وهو ما جعلها تدرك أنها تمتلك موهبة الطبخ. وتقول: عملت مع فريق حرفة كافيية كشيف مسؤولة عن الأطباق وإعدادها قبل أن أتسلم الإشراف على الكوفي، الذي يقدم أصنافاً من المأكولات الشرقية والحلويات التي برعت في إعدادها.
السحيمي.. مواهب وخبرات وفرص
أما محمد السحيمي طاهي في إحدى فنادق مجموعة الحكير للسياحة وللتنمية، فيؤكد أن العمل في القطاع السياحي يتيح للشاب فرصة تقديم جملة من المواهب التي يكتسبها، بالإضافة إلى اكتساب العديد من الخبرات من خلال الاحتكاك بمن هم في المجال نفسه ويملكون خبرات طويلة، كما أن العمل في القطاع السياحي يهيئ الفرصة لدى الشباب حول طريقة التعامل مع كافة فئات المجتمع التعامل الأمثل، متطلعاً إلى الوصول إلى مراتب عليا في المجموعة من خلال المثابرة والجدية في العمل، والسعي الحثيث إلى الحصول على الدورات التدريبية التي لها انعكاسات إيجابية على العامل في القطاع.
ويعد قطاع السياحة من أهم القطاعات الاقتصادية توفيراً لفرص العمل، كما أنه يأتي في المرتبة الثانية من حيث نسبة السعودة فيه. ومن المتوقع أن تبلغ فرص العمل في السياحة (1.7) مليون وظيفة في عام 2020م وهو يمثل ما يمكن أن يصل إليه إجمالي الوظائف المباشرة وغير المباشرة في سوق العمل لقطاع السياحة والقطاعات الأخرى المترابطة والمستفيدة من السياحة مثل المطاعم والنقل وخدمات بناء وتشييد المنشآت السياحية، وبيع الهدايا، ومزودي الخدمات في المواقع السياحية وغيرها من الوظائف التي تتولد نتيجة للطلب على السياحة.
وبناء على الدراسات التي تجريها الهيئة العامة للسياحة والآثار فإن الفرص الوظيفية مرشحة للوصول إلى هذا الرقم (في قطاع السياحة والقطاعات الأخرى الرديفة والمستفيدة من السياحة) وذلك في حال توفر الدعم والممكنات للتوسع في الاستثمارات السياحية عبر إقرار الأنظمة وبرامج التمويل السياحي، حيث ستكون هذه الوظائف نتيجة للنمو المتوقع للسياحة والقطاعات المرتبطة بها وليس استحداث وظائف جديدة كما فهم البعض.
وقد بلغت فرص العمل السياحية حتى العام الماضي وحده أكثر من (751) ألف وظيفة، ويمثل السعوديون حالياً ما نسبته (27.1%) من إجمالي عدد العاملين في القطاع السياحي، حيث تمثل السياحة القطاع الاقتصادي الثاني في المملكة، بعد قطاع المصارف والبنوك، من حيث نسبة السعودة.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار قد أكد في كلمته التي ألقاها مؤخراً في منتدى التنافسية الدولي السابع أن هناك قبولاً من كافة المواطنين على السياحة الوطنية التي تعتبر أحد القطاعات المهمة المولدة لفرص العمل، كما أن لها أثراً اقتصادياً وتنموياً كبيراً، وهذا ما تلتزم به هيئة السياحة التي استطاعت أن تجعل السياحة قطاعاً مثالياً من حيث نسبة المواطنين العاملين فيه».
وأضاف سموه: «ما يقال عن أن المواطن السعودي غير جاد في العمل إجحاف بحق المواطن الذي أثبت عبر الأزمات أنه ملازم للتميز ومداوم على الإنجاز»، ومؤكداً أن المواطن السعودي المضياف هو أهم مقومات التنافسية للاقتصاد السعودي بشكل عام، وللقطاع السياحي بصورة خاصة».
وأشار إلى أن القطاع السياحي يمثل القطاع الثاني في نسبة سعودة الوظائف في المملكة، وسيصبح القطاع الأول لتوظيف السعوديين قريباً إذا توافرت فرص التحفيز المناسبة؛ مشيراً إلى أن عدد العاملين في قطاع السياحة بلغ (751 ألف عامل) حتى العام 2012م فيما تبلغ نسبة المواطنين العاملين في القطاع (27%)، مشيراً إلى أن المواطنين يعدون مثالاً جاداً وعملياً من خلال تجاربنا في العمل معهم حيث لمسنا الإقبال من الشباب الجاد في العمل في هذا القطاع الناشئ، وستزيد تلك الفرص خصوصاً بعد صدور قراري مشروع الملك عبدالله للتراث الحضاري ودعم السياحة، حيث نظرت الدولة إلى السياحة بعمق وقررت الاستمرار في دعم وتطوير السياحة الوطنية ومشاريع تهيئة مواقع التراث والمحافظة عليها.