لم يجد شفيق صرصار رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات من مخرج للوضع الحرج الذي وجد فيه أعضاء الهيئة أنفسهم على خلفية النسبة الضئيلة جداً للمقترعين الذين بادروا بتسجيل أسمائهم في القائمات الانتخابية قبل أقل من عشرة أيام من انتهاء المدة القانونية المحددة للتسجيل، سوى التلميح بإمكانية إقرار الهيئة لفترة أخرى على أمل أن يراجع أكثر من 7 ملايين ناخب موقفهم الرافض للتسجيل، ويقبلون من ثمة على مكاتب الهيئة الموزعة على كامل جهات البلاد وحتى في الفضاءات التجارية والشوارع الكبيرة بالعاصمة والمدن. وكان صرصار قد رفض رفضاً قاطعاً في وقت سابق مقترح حزعيم حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي القاضي بالتمديد في فترة التسجيل بغاية تمكين أكبر عدد ممكن من الناخبين من تسجيل أسمائهم، إلا أن مباد رة النداء وجدت معارضة شرسة من طرف النهضة والأحزاب التي تدور في فلكها على غرار المؤتمر والتكتل وبعض الأحزاب الصغيرة التي اختارت «الاحتماء» بقوة النهضة لتضمن مكاناً لها تحت الشمس.. وبالرغم من الحرص المعلن لللأحزاب السياسية على أحكام تنظيم الانتخابات التي ستمكن من إنهاء المرحلة الانتقالية الصعبة التي تعيشها البلاد، إلا أن قلة قليلة منها استجابت لدعوة الهيئة المستقلة للانتخابات لحضور اللقاء الحواري الأول للهيئة حول المسار الانتخابي وللتحاور بشأن السبل الكفيلة بتشجيع ملايين التونسيين على الإقبال على مكاتب التسجيل. فمن جملة 194 حزباً سياسياً بالبلاد لم يحضر سوى ممثلو 24 حزباً فقط وغابت النهضة وحضرت حركة نداء تونس.. الآن اللقاء الذي شهد جدالاً عقياً، كغيره من الاجتماعات الحزبية المهمة لمستقبل البلاد، لم يخرج بنتائج عملية ولم يرق إلى مستوى انتظارات قلة من التونسيين الذين لا يزالون يقيمون للانتخابات وللطبقة السياسية ككل وزنا. وفي نفس السياق، وفي إطار النسج على منوال بقية الأحزاب الكبرى على غرار النهضة ومقترحها بشأن رئيس توافقي، ونداء تونس ودعوتها إلى التمديد في فترة التسجيل للانتخابات بشهر او شهرين، طلع حزب المؤتمر إلى الرأي العام بمبادرة جديدة تحمل عنوان «العهد الجمهوري» أعلن عنها القيادي في الحزب طارق الكحلاوي. وهي مبادرة ترتكز على 7 نقاط أهمها «التوافق بشأن مرشح موحد للصف الوطني في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية في مواجهة أي مرشح من المنظومة القديمة».. أمنياً شهد الاستقرار النسبي الذي ميز الأيام القللة الماضية انقلاباً مفاجئ حيث، أعلنت وزارة الداخلية تعلم وزارة الداخلية أن الوحدات الأمنيّة من شرطة وحرس وطنيّين قامت بحملة أمنيّة واسعة النطاق بمحافظة سيدي بوزيد الجنوبية، استهدفت عناصر تكفيريّة تنتمي إلى ما يسمّى «تنظيم أنصار الشريعة» المحظور مفتش عنها لفائدة الوحدات الأمنيّة والقضاء، تمّ إيقاف ثمانية عناصر وحجز مبالغ مالية هامة مخصصة لتمويل التنظيم المحظور. وكانت جدّت ليلة أول أمس الخميس وإثر صلاة التراويح، مواجهات بين مجموعة من المتشددين وقوات الأمن أمام منطقة الشرطة بسيدي بوزيد وذلك على خلفية خبر إيقاف العناصر المنتمية إلى التنظيم المذكور. إلا أن الشعارات التي رفعها المحتجون على إيقاف أصدقائهم استفزت الأمنيين الذين اضطروا إلى استعمال الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المتجمعين حول مقر المحافظة للمطالبة بتسريح الموقوفين.. وفي ذات السياق وفي شمال البلاد وتحديداً في محافظة الكاف (160 كلم شمال غرب العاصمة)، اندلعت مواجهات في نفس التوقيت تقريباً بين قوات الأمن وعناصر من المتشددين دينيا المنتمين لتنظيم أنصار الشريعة المحظور قانونياً، أفضت إلى إيقاف عدد من هؤلاء فيما فر البقية بعد أن أمطروا واجهة مقر الأمن وبعض المحلات التجارية بقوارير المولوتوف مما أدى إلى احتراقها وإتلافها وحرق سيارة وجرار فلاحي على ملك خواص.. وتواصلت المواجهات من بعد صلاة التراويح من ليلة اول أمس الخميس إلى غاية صباح أمس الجمعة.