بإمكان مدرب هولندا لويس فان غال أن يشكر الأزمة المالية التي ضربت نادي فيينورد روتردام، فبفضلها استيقظ العملاق النائم وخرَّج لاعبين موهوبين قد يساعدون البلاد المنخفضة في وضع يدها على كأس العالم لأول مرة في تاريخها.
ضم فان غال خمسة لاعبين إلى تشكيلته في مونديال البرازيل من نادي روتردام الشهير، وآخرين حملوا ألوانه سابقاً لفترة طويلة، وذلك بعدما أعاد إحياء أكاديميته ليسير على خطى إياكس أمستردام الذي كان منبع نجوم هولندا في تسعينيات القرن الماضي.
لم يمثّل لاعبو فيينورد المنتخب بهذا الكم منذ مونديال 1974 عندما بلغت هولندا النهائي مع لاعبها الطائر يوهان كرويف وخسرت بفارق ضئيل على أرض جارتها اللدودة ألمانيا الغربية (1-2)، والتي قد تلتقيها في نهائي 13 تموز - يوليو الحالي بحال فوزها على الأرجنتين، وتغلب ألمانيا على البرازيل في نصف نهائي 2014. نشأ خمسة لاعبين من المنتخب الحالي في أكاديمية «فاركينورد» التي يصفها الفرنسي أرسين فينغر مدرب أرسنال الإنكليزي بأنها «من بين الأفضل في أوروبا»، وذلك بعد الفوز الساحق لهولندا على إسبانيا حاملة اللقب 5-1 في الدور الأول.
لعب برونو مارتنس أندي، داريل يانمات وستيفان دو فري أدواراً رئيسة في الدفاع الهولندي خلال النهائيات، فيما بقي الشابان المدافع تيرينس كونغولو (20 عاماً) ولاعب الوسط جوردي كلاسي (23 عاماً) الملقب بتشافي هولندا مع فيينورد، في عداد البدلاء وينتظرهم مستقبل كبير.
قد تبدو هذه الأسماء مغمورة بالنسبة للبعض، لكن الهداف روبن فان بيرسي قبل أن يشتهر مع أرسنال ثم مانشستر يونايتد الإنكليزيين، نشأ في كنف فيينورد وحمل ألوان الفريق الأول بين 2001 و2004، ولاعب الوسط جورجينيو فينالدوم (23 عاماً) دافع عن فيينورد أربع سنوات قبل انتقاله إلى ايندهوفن في 2011، على غرار زميله في الوسط جوناثان دي غوزمان (2005-2010) قبل رحيله إلى مايوركا وفياريال الإسبانيين وإعارته إلى سوانسي الإنكليزي، كذلك الأمر بالنسبة لليروي فير (24 عاماً)، الذي تعرض لإصابة في المونديال الحالي، (2007-2011) قبل تعاقده مع تفنتي ثم نوريتش الإنكليزي، ما يرفع عدد اللاعبين الذين نشأوا في فيينورد إلى تسعة مع فان غال.
أما قلب الدفاع المتميز رون فلار فصحيح أنه نشأ مع الكمار لكنه حمل ألوان الفريق الأحمر والأبيض بين 2006 و2012 قبل انتقاله إلى إستون فيلا الإنكليزي في 2012.. لم يلجأ فيينورد، بطل أوروبا 1970، إلى تجربة الأكاديمية إلا بسبب الأزمة المالية وديونه التي تخطت 50 مليون يورو، فيقول مدير الأكاديمية داميان هرتوغ لصحيفة «تيليغراف» البريطانية: «فكرة الدفع بجيل شاب وردتنا بسبب الحاجة والمشكلات المالية.. لا يجب أن نخفي الحقيقة.. كانت ناجحة، واعتمدناها الآن سياسة لنا، ونريد دوماً الدفع بأجيال جديدة».
وتابع: «كانت كأس العالم هائلة لتحفيز الشبان لدينا هنا.. كانوا دوماً يحلمون بالسير على خطى دو فري (22 عاماً) الذي كانوا يشاهدونه في الأكاديمية وأصبح في الفريق الأول.. كانت الطريق واضحة أمامهم، لكن اليوم يرونه مع مارتنس أندي، وجوردي كلاسي في كأس العالم يمكنهم تصور أنفسهم على المستوى عينه». أربعة عشر لاعباً من الفريق الأول لفيينورد راهنا تم تطويرهم في النادي منذ 2009، وبسبب نجاح المشروع، حصلت «فراكينورد» على جائزة رينوس ميتشلز لأفضل أكاديمية في كل سنة منذ انطلاقتها وذلك بتصويت من أندية الدرجة الأولى.
قاد دو فري ومارتنس أندي الموجة الجديدة، وأصبح انتقالهم رفقة يانمات بعد كأس العالم متوقعاً لتمويل ملعب جديد يتسع لـ75 ألف متفرج، لكن هيرتوغ يبدو واثقاً من إنتاج النادي لمزيد من اللاعبين.. يضيف هيرتوغ: «لدينا طريقة في العمل تسمح لنا بإنتاج اللاعبين.. تغيرت الأمور قليلاً، لكن الفارق الكبير أن النادي لديه سياسة منح اللاعبين الشبان الفرص في الفريق الأول.. وهذا يعني أنه يمكنهم التطور أكثر.. لكن سياستنا لا تقتضي فقط في منح الفرصة للصغار باللعب.. يجب أن يكونوا جيدين بما فيه الكفاية، لا نطلب الكثير منهم بل معدل عمل مرتفع، ذهنية جيدة وإرادة بالاستثمار في أنفسهم».
وتابع: «إبقاء الفارق صغيراً بين فريقنا الأول وأكاديميتنا أمر مهم.. في كل موسم عندما يستضيف ملعب دي كويب إحدى المباريات، نقدم كل فرق الناشئين التي توجت أمام الجماهير وينالون ترحيباً كبيراً، وجميعهم يعرف لاعبي الفريق الأول».
يبقى فان بيرسي قائد المنتخب الأكثر شهرة من بينهم، ويقول هيرتوغ إن هداف أرسنال السابق البالغ 30 عاماً لا يزال يرتبط بفيينورد ويدعمه في جهوده لإنجاب المزيد من النجوم.. هناك دورة روبن فان بيرسي كل سنة للصغار. جاء إلى هنا العام الماضي، وهناك شريط فيديو جميل يقوم فيه بالمراوغات مع الصبيان الصغار.. تدرب ابنه شاكيل معنا لأول مرة قبل أسبوعين.
ختم: «كثيرون يعتقدون أن في فيينورد هناك العمل الجاد وفي إياكس لاعبين موهوبين، نحن قادرون على دمج الاثنين معا ولقد نجحنا بذلك في السنوات الأخيرة».