من الغريب أن تتحدث عن محكمة جزائية مختصة في شؤون القوانين والأنظمة متغزلا بها وبروعتها وأناقتها, لعل الربط بين الصرامة في الحق وتحقيق العدل وبين الرقي في الإنشاء وزينة المكان في أعين الناظرين أمر صعب, نعم هو صعب لكنه ليس مستحيلا، والموقع الجديد للمحكمة الجزائية في الرياض أصبح الاستثناء للقاعدة وحاجزا كسرا المستحيل في الربط, ليس الحديث عن دور المحكمة ولا عن أهميتها, بل الحديث تصميم بنائها ومراعاته لأمور دقيقة تصب كلها في خانة عنوان واحد «هذه هي الرياض ما نتمنى أن تكون عليه في مبانيها وشوارعها وتنظيمها».
الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله أخذت على عاتقها الاهتمام بكل التفاصيل الخاصة بالإنشاءات مهما صغرت لأن المنظومة العامة لا تكتمل إلا باكتمال الجزيئات الصغيرة أولا, والشكل الجديد التي تسير نحوه مدينة الرياض في ظل عصر متطور باستمرار هو الشكل الذي ستكون عليه العاصمة الحبيبة من أبهى وأزهى مدن العالم, ولن ننسى بطبيعة الحال الجهود التي يبذلها المهندس إبراهيم السلطان عضو الهيئة ورئيس مركز المشروعات والتخطيط بالهيئة والكادر الهندسي والإشرافي والإداري بالهيئة, الأشكال والصور والمخرجات حين تتغير فإنه بالتأكيد هناك من ورائها ممن يحملون فكرا متطورا مختلفا في الحداثة والرغبة في التميز.
مبنى المحكمة الجزائية في منطقة قصر الحكم, هذه المنطقة التي تمثل رمزا وطنيا لما تحمله من معاني تشهد على تاريخ تأسيس الدولة السعودية الحديثة والمدنية, من حق قصر الحكم علينا أن يستمر في التألق وأن يصبح معلما سياحيا تمتاز به العاصمة, الإمكانيات متوافرة والرغبة في التميز أكيدة, وليست العبرة في الحجارة والحديد بل العبرة في العقول التي تشكلها والأيادي التي تبنيها.
المحكمة الجزائية في الرياض ومع كل الخدمات الإضافية التي تقدمها مبانيها الجديدة توسعة على الناس وتسهيل حضورهم وانصرافهم ومراعاة لخصوصية المتهمين واحترام كيانهم حيث يدخل المتهم للمحكمة ومنها لغرفة القاضي مباشرة من دون أن يراه أحد، وبنفس الوقت توفير الخدمات المساندة التي تمكن كوادر المحكمة من أداء مهامهم على أكمل وجه, هذه الأمور كلها تقنية يلمسها الداخل إلى المبنى والمرتبط بشأن من شؤونها.