استطاعت صناعة التمويل المتوافق مع الشريعة أن تؤسس وجودا لها في الولايات المتحدة اعتمادا على المجتمعات المحلية لكن بعد عقود على نشأتها لا تزال الصناعة غير قادرة على مخاطبة مجتمع المال الأوسع نطاقا واقتناص حصة سوقية معتبرة هناك رغم غياب القيود التنظيمية والضريبية.
يقول ديفيد لاوندي رئيس بنك ديفون الذي يقدم التمويل التقليدي والإسلامي في مدينة شيكاجو «البيئة القانونية والتنظيمية (في الولايات المتحدة) سانحة للتمويل الإسلامي». ووفقا ليحيى عبد الرحمن الرئيس التنفيذي لبنك بيت التمويل الامريكي لاربا فإن الهيئات التنظيمية الأمريكية منفتحة على أية أفكار تشمل تقديم منتجات وخدمات جديدة ما دامت لا تتعارض مع قوانين البنوك. لكن خارج مركزي الصناعة الرئيسيين وهما منطقة الخليج وجنوب شرق آسيا يشكل التمويل الإسلامي حصصا هامشية من الأسواق التي ينشط بها. تقول هديل عبد الهادي المحامية المصرية التي تعمل بإحدى مكاتب المحاماة في واشنطن العاصمة «في الحالات القليلة التي شهدت خلافات على المعاملة القانونية والتنظيمية لصناعة التمويل الإسلامي ركزت الهيئات الرقابية الأمريكية على المضمون دون الشكل لتوفير المرونة للصناعة.»
وتضيف «المحاكم الأمريكية حديثة عهد بنزاعات التمويل الإسلامي لكن الهيكلية والمنهجية الأساسية للقضاء هنا تسمح بتسوية هذه الخلافات سريعا». وذكر لاوندي من بنك ديفون إنه أعد دراسة لإنشاء بنك إسلامي متكامل وهو ما يتطلب تبني هياكل تنظيمية متعددة. ويبلغ إجمالي أصول بنك ديفون 245 مليون دولار ويوفر تمويل العقارات السكنية والتجارية بالصيغ التقليدية والشرعية.
ويضيف «عليك أن تهييء منتج التمويل الإسلامي مع هيكل معتمد وقائم بالفعل ولن تكون هناك مشكلة». لكن رغم سلاسة بيئة العمل يقول لاوندي إن الحصة السوقية للقطاع القائم على الشريعة لا تزال محدودة جدا في الولايات المتحدة. ويرى عبد الرحمن أن الصناعة تعتمد بشكل كبير على المجتمعات المحلية للمهاجرين المسلمين وعلى المسيحيين واليهود المؤمنين بحرمة الفائدة.
ويقول عبد الرحمن «الهنود المسلمون هم المحرك الرئيسي للتمويل اللاربوي (الإسلامي) في أمريكا». وذكر أن 85 في المئة من الراغبين في التمويل اللاربوي في أمريكا جاءوا من دول شبه القارة الهندية بما فيها الهند وباكستان وبنجلادش. ووفقا لعبد الرحمن هناك ثلاثة بنوك إسلامية تعمل بالولايات المتحدة هي بنك لاربا الذي أسسه هو نفسه عام 1987 وبنك ديفون ومقره شيكاجو وبنك يونيفرسيتي ومقره ميشيجان وشركة وحيدة للتمويل العقاري اسمها جايدانس فاينانشال. وقال لاوندي إنه حين حاول مصرفه تقديم منتجات متنوعة كالسندات الإسلامية (الصكوك) وصناديق الاستثمار لم تجذب انتباه المستثمر المؤسسي «وجدنا اهتماما محدودا جدا من المستثمرين بأي منتج غير المشروعات العقارية والتي لا نتحمس لها». واعتبر لاوندي أن ثمة سببين لعدم قدرة التمويل الإسلامي على مخاطبة المجتمع المالي الأوسع نطاقا في الولايات المتحدة «أولا هناك تكلفة إضافية للمعاملات (تكلفة أن تكون مسلما). لا أحد يريد اختيار منتج تمويل إسلامي له نفس أثر المنتج التقليدي ما لم يكن لديه دافع ديني يبرر الكلفة الإضافية. «ثانيا نحن لا نرى منتجات (إسلامية) ذات أداء متميز... باستثناء صناديق أمانة للاستثمار».
وكان لاوندي يشير إلى صناديق استثمار متوافقة مع الشريعة أطلقها بنك اتش.اس.بي.سي. أمانة الذراع الإسلامية للبنك البريطاني العملاق عام 1984. وأطلق البنك ثلاثة صناديق استثمار إسلامية حشدت أصولا بقيمة 3.3 مليار دولار. ويرى لاوندي أن بوسع المستثمرين الذين يعرفون أين يستثمروا أموالهم بحصافة أن يعطوا دفعة قوية وسريعة في الوقت نفسه لصناعة التمويل الإسلامي لكن نظرا لأن هذه الصناعة يصعب قياس مردوها فانها تحتاج للمستثمر المجازف.