هكذا هم الرجال تأتي عزائمهم على قدر ما يحتاجه الوطن وفي المكان الذي يخدم فيه أكثر وفقا لظروف عامة وخاصة، حين نتحدث عن أي شخصية تتولى أي منصب جديد فإن مساندته أو مكاشفته لا تعني الانتقاص ممن سبقوه بتولي المنصب نفسه، فكلنا نعرف ونعي جيدا أنها أدوار ضمن خطط وبرامج توضع للخدمة العامة، نحن دائما نقول إن القادم أفضل ولكن لا يعني هذا أن الذي فات ليس بأفضل وأيضا لا نعني أن القادم بالأسماء والشخوص وحدها أفضل بل بالرؤى والتوقعات والخطط الجديدة هي الأفضل.
هكذا هو خالد بن بندر يلخص القصة بأبسط صورها وتعابيرها، فمن استلم القيادة البرية خلفا له لم يكن الشد على يده يعني أن خالدا لم يكن الأفضل، وحين غادر إمارة منطقة الرياض إلى وزارة الدفاع لم نقل حينها بأن تركي صقر الرياض أفضل من خالد حكيمها، وحين غادر وزارة الدفاع كنا جميعا على ثقة مطلقة أن هناك دورا ينتظره، لأن شخصية خالد بن بندر شخصية مهنية عملية بحتة، نعم أقولها وبكل صراحة فهو ليس شخصية اجتماعية سهلة، أذكر يوما أنني قلت له يا سمو الأمير لبدنك عليك حق وأنت تواصل الليل بالنهار فخفف عليك وأرح نفسك قليلا، فقال لي بصوت عال: «راحتي هي في راحة المواطنين والناس، إن ارتاحوا ارتحت وإن حتى بقي واحد منهم غير مرتاح فنوم البدن لن يريح ضميري».
عندما قلت ليس بشخصية اجتماعية قصدت فيها أنه الوقت في حياة بن بندر كله للعمل ويعطيه الأولوية دائما على كل شيء، لهذا نجد أن القيادة الرشيدة في اختياراتها دائما ما تجد أن خالد بن بندر هو كلمة السر التي يمكن من خلالها حل كثير من المعضلات واليوم بتوليه منصب رئيس الاستخبارات العسكرية برتبة وزير ليس فقط تكريما له أو لأنه حائز على ثقة القيادة العليا في قدراته وحسب بل لأنهم يعلمون أن مثل هذا المنصب وفي مثل هذا الوقت بالتحديد وما يدور حولنا في المنطقة وما يحاك لنا في الظلام وعلو صوت الأعداء في تصريحاتهم التي تحمل عفن كرههم وحقدهم على المملكة شعبا وقيادة، حتى داعش التي خرجت من رحم المؤامرة الصفوية العلوية أعلنت أنه وجب هدم الكعبة وإنهاء الدولة السعودية، في مثل هذه الظروف ومثل أهمية وظيفة الاستخبارات العسكرية كان خالد بن بندر حاضرا مستعدا ليستلم زمام الأمور حين تحتاجه الأمور.
ليس غريبا أن نمدحه أو نثني عليه، وليس غريبا أن الكل يحبه ويثق فيه وأولهم أبو متعب وسلمان ومقرن، بل الغريب من بعض لا يعرفون القراءة ولا الكتابة الفكرية ومصابون في شلل في مستوى الفهم الحضاري وانعدام الحس الوطني والإيماني الذين يظنون أن الدولة غافلة عما يصنعون، هؤلاء نسوا أو تناسوا أنه كلما ظنوا أنهم اقتربوا من تلمس طريق تحقيق أهدافهم المشؤومة جاءتهم صاعقة جديدة تضرب رؤوسهم وهذه المرة وبالتخصص كان اسم هذه الصاعقة خالد بن بندر.