مع أنه مضى على وفاة الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب أكثر من مائتي سنة، إلا أن الدراسات والكتّاب والأبحاث عنه وعن دعوته واتفاقه التاريخي مع الإمام محمد بن سعود جد الأسرة المالكة الكريمة لم تتوقف حتى هذا اليوم.
ومن ضمن هذه الدراسات التي صدرت مؤخراًً كتاب (الشيخ محمد بن عبد الوهاب رائد الدعوة السلفية في العصر الحديث) تأليف الدكتور محمد أحمد درنيقة الحاصل على دكتوراه الدولة في الفلسفة.
درنيقة أهدى عمله إلى القمرين النيرين اللذين طلعا في سماء نجد فأحالا ليلها نهاراً وظلمتها ضياء...
إلى المجاهدين الذين قيضهما الله لهذا الدين ينشران مطويه ويصححان معوجه ويمهدان سبله، وهما الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب.
قدم لهذا الكتاب الدكتور عبد الله بن محمد المنيف (جامعة الملك سعود - كلية السياحة والآثار) الذي أكد أن هذا الكتاب يقدم صورة ناصعة واضحة لحياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وفكره.
المنيف نقل في مقدمته عدة نقول تؤكد أن حال الجزيرة العربية قبل هذه الدعوة الإصلاحية كانت في مرحلة سيئة في العقيدة والفكر والسلوك أيضاً.
ولعل أجمل ما في نقول المنيف عن حال الجزيرة العربية قبل الدعوة الإصلاحية أنها أتت من كتّاب ليسوا على صلة بالشيخ ابن عبد الوهاب، بل وقد لا يتفقون معه في بعض الجوانب والأهم من هذا وذاك أن أحدهما يمني وهو العالم الشهير والمؤرخ الكبير لطف الله جحاف صاحب كتاب درر نحور الحور العين، والآخر الرحالة المغربي الكبير وهو العياشي صاحب كتاب ماء الموائد.
وختم المنيف حديثه ومقدمته بالقول إن هذين النقلين لم يأت بهما إلا لبيان حال هذه البلاد قبل الدعوة الإصلاحية، وهكذا يحكم المحلل والقارئ والمتابع بدقة وإنصاف على دعوة الشيخ.
وعوداً على كتاب درنيقة الذي جاء في سبعة فصول و (238 ص)، حيث جاء الفصل الأول حاملاً للسيرة الشخصية للشيخ محمد ونبذة عن حياته ومؤلفاته وعقيدته، في حين كانت موضوعات الفصل عن آراء الشيخ ابن عبد الوهاب في تفسير القرآن الكريم والحديث والتعليم والاجتهاد والجهاد.. وأما الموضوعات الشائكة مثل التوحيد بأنواعه والتبرك والسحر والتصوف، فكانت جميعها في ثالث فصول الكتاب.
وخصص درنيقة الفصل الرابع للحديث عن أولاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأشهر تلاميذه، في حين جاء الفصل الخامس للحديث عن داعم الشيخ محمد بن عبد الوهاب الأول الإمام محمد بن سعود، وحديث عن تأسيس هذا الوطن الكبير السعودية مع نبذة عن أشهر الأئمة من آل سعود.. وفي الفصل السادس وقف درنيقة مع خصوم الشيخ محمد بن عبد الوهاب وناقش وجهات نظرهم، في حين ختم المؤلف كتابه بسابع الفصول للحديث عن المنافحين عن الدعوة السلفية مثل شكيب أرسلان ورشيد رضا ومحمد تقي الدين الهلالي وغيرهم.
الكتاب نشرته دار مملكة نجد بالرياض، وهو متداول.