كنتُ من أوائل من آمن بأن مَقُدم الأمير خالد الفيصل لحقيبة التعليم الوزارية، مكسب، لا يوازيه مكسب، لمعطيات كانت حاضرة أمامي عن شخصية هذا الرجل، الذي كثيراً ما أطلقت عليه لقب (القوي الأمين) ولعل أقرب مذكور يشهد لقولي، مقالي الذي كتبته عنه بهذه الجريدة الغراء، فور تعيينه وزيراً للتربية والتعليم، تحت عنوان (خالد الفيصل أينما «حل» حلت معه البركة والمهنية الفائقة) ولست وحيداً ممن أشاد بخطوة تعيين هذا الرجل بهذا المنصب المهم، فقد تواتر الثناء عليه بشكل ملفت، وما زلت مقتنعاً بمهنية هذا الأمير الوزير، وإن غداً، لناظره قريب، والأمل يحدونا جميعاً، بأن يعيد للتعليم، قيمته الشريفة، وللمعلم هيبته، ما علينا، ليس من هدف هذا المقال، العودة إلى ذات السياق، بقدر ما استوقفني، تصريح لسموه، بات حديثاً للمهتمين بشئون التعليم والمعلمين، باختلاف رؤاهم، قال فيه، بالمعنى (إن التعليم لدينا مختطف) وأبا بندر، يعي ما يقول، ولا بد أنه وجد ما يبرر قوله، كلام الأمير، قابله، فريقان، أحدهما، سمْته، الامتعاض وشكّل (الكثرة)، والآخر، سمْته، التأييد، وقد شكّل (القلّة) حكمي هذا استقيته من خلال المقالات في الصحف، ومواقع التواصل الاجتماعي، وأمام هذا التضاد، غير المتكافئ في الرأي، لديّ رؤيتي الخاصة في هذا الصدد، أبسطها هنا، نتيجة قناعة تامة، لم يؤثر فيها قول زيد ولا قول عمرو، نحن سبرنا تعليمنا منذ خمسين عاماً، بكل ظروفه وتجديداته، وزحمة التعاميم حوله، لكننا رأينا الخطوط الحمراء حوله، لم يتم تجاوزها، الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة المعارف سابقا، والتربية والتعليم حالياً، عيّنهم ولي الأمر، وهم من رشّح وكلاءهم، ومديرو العموم لإدارات التعليم في مناطق المملكة، وبقي المعلم تحت نظر هؤلاء جميعاً بحركاته وسكناته، وهذا هو المفترض، بحكم المسئولية، طيب ونحن أمام كلام سمو الأمير الوزير، لا بد لنا من طرح هذا التساؤل، ولا بد من معرفة الإجابة عنه، حتى يكون الجميع على بينة، المختطِف بكسر الطاء، عندما يختطف فريسته، لا بد أن تتوافر لديه أدوات السلطة التي تحكم قبضتها على المختطَف بفتح الطاء، وإلا فاقد الشيء لا يعطيه، ولو قلنا إن هذه الأدوات لا يملكها إلا من بيده القرار، فإن الوزراء المتعاقبين على حقيبة التعليم، على درجة كبيرة من الأمانة والوعي والإدراك، كونهم معينون، من ولي الأمر، وقد نالوا ثقته، ومن جهة أخرى، المعلمون هم الآخرن، نتاج تعليم سار على منهج قويم منذ نشأة هذه البلاد وحتى اليوم، كلام سمو الأمير الوزير حول اختطاف التعليم، بالتأكيد لم يأت من فراغ، ولا بد أن سموه وقف على الجرح، لكن البعض تلقفه دون ترو، وبات قلمه يلوكه من غير تأن، وهو الذي خرج من رحم هذا التعليم، وفي ظني أن الأمير خالد الفيصل، لا يقصد بمفردة الاختطاف، أمر عكسي، هو بالتأكيد في ذهن كل من امتعض من تصريحه، لكن سموه، ربما كان يقصد أمراً، عصف في تعليمنا ومعلمينا على حد سواء، ربما قصد، من خطف المستوى الجيد لتعليمنا في حقبات مضت، كانت مخرجاتها، فاعلة من خلال مسئولي الدولة الكبار، وربما قصد، من خطف هيبة المعلم الحاضرة، يوم كنا، نفر منه فرارنا من الأسد، ولربما قصد، منْ جعل الطلاب ينهون مرحلة الثانوية العامة، وهم لا يفرقون بين التاء المفتوحة والتاء المربوطة أو همزة الوصل وهمزة القطع، ولربما قصد، من فرض التقويم، الذي أضاع الجميع، ولربما قصد، من كرّس طابور البطالة من المعلمين والمعلمات الذين تقدر أعدادهم بالآلاف، ولم يجدوا فرصة التعيين، ولربما قصد، من تسبب في حوادث المعلمات المتكررة، بالجملة لا أخال قصد الأمير الوزير، غير المستوى المتدني، والضعيف لمخرجات تعليمنا من جميع الاتجاهات، سواء كانت الفكرية أو على مستوى الجودة، هذه المخرجات، هي من اختطفت تعليمنا القوي آنذاك، إن صحت العبارة... ودمتم بخير.