بدأت صباح أمس الخميس في فيينا الجولة الأخيرة من المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني التي تعتبرها واشنطن «فرصة تاريخية» وترى فيها إيران «فرصة لدخول التاريخ». وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ «إنها لحظة حاسمة في الجهود الدولية لتسوية أحد أصعب تحديات السياسة الخارجية في عصرنا». وهذا الدفع الذي تقدمه هذه التصريحات ضروري للمفاوضين الذين دخلوا إلى الاجتماع بعيد الساعة التاسعة من شدة ما تبدو المواقف متباعدة بين إيران من جهة والقوى الكبرة في مجموعة 5+1 (المانيا والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا)، من جهة أخرى.
وبدأ الخبراء وكبار المسؤولين في الجانبين اجتماعات ماراتونية يمكن أن تستمر حتى 20 تموز/يوليو. والاتفاق الذي يجري التفاوض حوله منذ مطلع العام يضمن ألا تسعى إيران إلى إنتاج قنبلة نووية.
في المقابل سترفع العقوبات الدولية التي تحرم هذا البلد من عائدات النفط البالغة مليارات الدولارات كل أسبوع. كما سيسهل تطبيع العلاقات بين الغربيين والجمهورية الإسلامية في وقت تسود الشرق الأوسط أوضاع تهدد بالانفجار في أي وقت مع تقدم جهاديي «الدولة الإسلامية» في العراق والحرب في سوريا. وسيؤدي الاتفاق أخيراً إلى خفض خطر انتشار الأسلحة النووية في المنطقة، إذ إن إسرائيل والدول الخليجية تنظر بقلق إلى إيران شيعية تمتلك قنبلة ذرية. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف «لدينا مناسبة فريدة للدخول في التاريخ». لكنه أكد أيضاً في مقالة نشرها في صحيفة لوموند الفرنسية أن إيران «لن تساوم على تقدمها التكنولوجي» الذي يشكل مصدر فخر وطني لا يمكن لإيران التخلي عنه.
واستعرض ظريف في المقالة تاريخ هذا الملف الذي يسم علاقات إيران الدولية منذ عشر سنوات فذكر بشكل مفصل بالجهود التي وافقت إيران على بذلها لجعل أنشطتها شفافة مؤكداً مرة جديدة أن بلاده لا تريد حيازة القنبلة النووية سواء لأسباب «أخلاقية» او «دينية» او «إستراتيجية». وسعى أخيراً ليثبت أن العقوبات المفروضة على إيران لم تمنعها من مواصلة برنامج نووي مدني، محذراً الدول الكبرى من «التوهم» بإمكانية تخلي إيران عن هذا البرنامج.
وتشكل القدرة على تخصيب اليورانيوم التي ستحتفظ بها إيران واحدة من نقاط الخلاف الرئيسة التي منعت الطرفين من التوصل إلى اتفاق حتى الآن. ورأى وزير الخارجية الفرنسي لورانفابيوس أن احتفاظ إيران «ببضع مئات» من أجهزة الطرد المركزي مقبول. وتملك إيران حالياً حوالى عشرين ألفاً من هذه الأجهزة نصفها قابل للتشغيل، حسبما ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
أما إيران فهي مستعدة لتغيير خطط مفاعلها الذي يعمل بالمياه الثقيلة الذي يجري بناؤه في أراك من أجل ضمان عدم إنتاج البلوتونيوم الوقود الآخر الذي يمكن أن تصنع منه قنبلة نووية، مع اليورانيوم المخصب.
في المقابل ترفض إيران البحث في برنامجها للصواريخ - التي يمكن أن تحمل قنبلة - مؤكدة أن هذه القدرات البالستية مسألة مرتبطة بالدفاع الوطني وليس بالسياسة النووية.
ويمكن تمديد المفاوضات ستة أشهر بالاتفاق بين الطرفين، لكن لا إيران ولا الدول الست تريد التفكير بهذا الحل حالياً. غير أن كيري أكد الثلاثاء أن «الولايات المتحدة وشركاءها لن تقبل بأي تمديد إن كان الهدف إطالة أمد المفاوضات».