الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحابته خير صلاة وأفضل تسليم، وبعد: فإنَّ من المعاني المهمة التي نحتاج أن تفعل في نفوس الناشئة،
وهي فطرة وغريزة نشأة سوية لولا ما يعكر عليها مما يتناقض معها، ورعايتها في كلِّ الأوقات مهمة، والتنشئة عليها وبناء البرامج والفعاليات وصولاً إلى تحقيقها، بالرؤية والوسطية شأن نجني ثماره في واقع الأوطان وإذا ما حصلت التغيّرات والفتن والتحولات فإنَّ دور هذه الرابطة المؤطرة بالتأصيل الشرعي يكون أبلغ وآكد، ومن هنا فإنّه مهما تنوعت الآليات، وتعددت القنوات فإنَّ الهدف يظل واحدًا، والغاية مشتركة، لجميع مؤسسات التربية والتَّعليم، فالوطنيَّة ليست شعاراتٍ ولا كلامًا نردده في المحافل والمنابر والمناسبات، الوطنيَّة إثبات للهوية، الوطنيَّة انتماء، والانتماء شيء مما يختبئ في الخفايا من مشاعر يصدقها الفكر والعمل والسلوك، تجاه وطن منحنا الكثير، فالوطن بالنسبة لكل منا إبداع، وابتكار، الوطن تفوق وريادة، الوطن اكتشافات ونجاحات تلو نجاحات.
ولو رام راصد أن يحصر الإنفاق الذي تبذله الدَّولة سواء في جانب التنمية والتنشئة أو في جانب الشباب وقضاء أوقات فراغهم أو في جانب حمايتهم من المؤثِّرات الفكرية لأدرك أننا نعيش نعمة هذه الولاية والقيادة الحكيمة، والعهد الذهبي لملك الإنسانيَّة ورجل السلم والسلام، وقائد الحكمة والحنكة والسداد خادم الحرمين الشريفين مليكنا المفدى الملك عبد الله بن عبد العزيز -أيَّده الله-، يعضده ويشد من أزره ويسانده ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز -متعه الله بالصحة والعافية-، ويكتمل العقد الثمين بسمو ولي ولي العهد النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز، - أدام الله علينا نعمة ولايتهم، وحفظهم من كيد الكائدين وعدوان المعتدين- انهم القادة الأوفياء، والرجال الأماجد الذين ما فتئوا يعملون ليل نهار على أن تكتمل كل المقوِّمات الحضارية لهذا الوطن المبارك، والبلد الآمن، وأن يكون أولئك الشباب روافد بناء وسواعد تقدم وارتقاء.
وهذا ما تحملته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة، فقد ترسمت في رؤيتها وأهدافها نهج ولاة الأمر، وسعت من خلال ذلك إلى تحقيق تطلعاتهم في هذه الجامعة المباركة التي حملت اسم المؤسس الأول محمد بن سعود -رحمه الله- وترى أن من أعظم واجباتها وأبرز مسؤولياتها ما يرتبط بتحقيق الأمن الفكري في هذه المؤسسة الرائدة لتكون مثالاً يحتذى في غرس القيم والمثل التي تشكّل شخصيَّة الطالب المتميزة.
إننا حين نتحدث عن وحدة الوطن فنحن لا نتحدث عن خيار متاح ضمن خيارات أخرى، إنما نتحدث عن وحدة وطن ومصير أمة وسياقات دينية وحضارية، تفنى دونها الأرواح وتبذل فيها الأعمار رضية طائعة فخورة. نتحدث عن الهُوية التي تصاغ من مكوِّنات الدين والأرض واللغة والجنس، تلك التي تتشكّل عبر المبادئ والخبرات، وتتسامى ببناء الأوطان والمنجزات التنموية والاجتماعيَّة، وتعني بناء الفكر وتعزيز الانتماء. وهذا ما نتعلمه ونقتبسه من حكامنا وولاة أمرنا حفظهم الله وسدد خطاهم، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله-، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، وولي ولي العهد النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز حفظهم الله وبارك في أعمارهم ومتّعنا بعافيتهم.