تلاشت الطموحات التي كان يعول عليها المراقبون بأن تصبح جنوب إفريقيا أول دولة من القارة السمراء تصدر صكوكا سيادية في السوق العالمية، وذلك بعدما فاجأت السنغال الجميع -مؤخرا- بإعلانها الأسبوع الماضي عن فتح باب الاكتتاب للمستثمرين الدوليين بصكوكها.
وعلمت صحيفة «الجزيرة» أن جمهورية السنغال قد قامت بزيارة لمجموعة بنك التنمية الإسلامي قبل أن تستهل برنامجها الترويجي للصكوك، وذلك من أجل تثمين دور المجموعة في دعم انتشار الصيرفة الإسلامية في القارة الإفريقية. وتعوّل الجمهورية التي يقطنها المسلمون على دعم المستثمرين الخليجيين لصكوكها الذي سيساهم نجاحها في دفع دول أفريقية أخرى بالنظر بجدية في اللجوء إلى تلك الأدوات الإسلامية لدعم مشروعات التنموية التحتية. وبحسب نشرة الإصدار فإن حجم هذه السندات الإسلامية يبلغ 100 مليار سي إف إيه (العملة المحلية لغرب أفريقيا) وهذا ما يعادل 208 ملايين دولار. وتغلق فترة الإصدار في الثامن عشر من شهر يوليو.
ويستقبل طلبات الاكتتاب المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التابعة لبنك التنمية الإسلامي في جدة ومجموعة سيتي بنك جروب الأمريكية.
الجزيرة من الرياض
ونقل بيان صحفي سابق للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص عن وزير الاقتصاد والمالية السنغالي أمادو با قوله «هذا المشروع بداية برنامج طموح قد يستخدم لتمويل مشروعات مبتكرة للبنية التحتية والطاقة بإصدارات الصكوك».
وسيكون هذا الإصدار السيادي من حكومة السنغال خطوة هامة على طريق تطوير التمويل الإسلامي بمنطقة إفريقيا جنوبي الصحراء التي لم تشهد إصدارات صكوك تذكر إلى الآن.
وقال في حينها خالد العبودي الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص إن صكوك حكومة السنغال ستكون الأولى ضمن سلسلة برامج إقليمية ستطرح على دول غرب أفريقيا.
وكان العبودي قد كشف -مؤخرا- أن مؤسسته تخطط لزيادة أنشطتها في أفريقيا كجزء من خطة لتعزيز جاذبية التمويل الإسلامي في المنطقة.
وتهدف المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التي تأسست عام 1999 إلى تدعيم التنمية الاجتماعية في الدول الأعضاء من خلال تقديم التمويل لمشروعات القطاع الخاص بما يتطابق وتعاليم الشريعة الإسلامية.
تركز المؤسسة في تمويلاتها للدول الأعضاء البالغ عددهم 51 على المشروعات التنموية التي تهدف إلى خلق فرص العمل وتشجيع الصادرات.
كما تقوم بتعبئة الموارد الإضافية للمشروعات وتشجيع تطوير التمويل الإسلامي وأسواق رأس المال.
وقال العبودي إن المؤسسة تسعى من خلال إستراتيجية جديدة للمساعدة في تطوير قنوات تمويلية إسلامية لتوسيع نطاق التعامل بالمنتجات المتفقة مع الشريعة.
وأشار إلى أن هذه القنوات تشمل الصيرفة الإسلامية وشركات الاستثمار والإجارة، إضافة إلى شركات التأمين التكافلي الإسلامية وشركات إعادة التكافل.
وحظيت أفريقيا بما نسبته 12 في المائة من إجمالي المشروعات التي وافقت عليها المؤسسة منذ إنشائها، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة خلال السنوات المقبلة، لاسيما مع وجود مشروعات مرتقبة.
ومن المقرر أن تكون بعض المشروعات بقيادة شركة تمويل أفريقيا القابضة ومقرها السنغال والمملوكة للمؤسسة وبنك آسيا التركي.
وتمتلك شركة تمويل أفريقيا القابضة بالفعل حصصا في بنوك إسلامية في السنغال ونيجيريا وغينيا وموريتانيا.
وأوضح العبودي أن تمويل سوف تنشئ مصرفا إسلاميا في بنين كما ستنتهي قريبا من دراسة جدوى لمصرف آخر في مالي.
وقال «قمنا بإعداد تقديرات مفصلة لكلا البنكين وستعرض على مجلس الإدارة للحصول على الموافقة النهائية».
مبادرات تنموية
وفي الأسبوع الماضي أعلنت ذراع القطاع الخاص للبنك الإسلامي للتنمية عن مجموعة من المبادرات التنموية، حيث أوضحت أنها تأمل بتقديم المشورة بشأن إصدار سندات إسلامية باكستانية بقيمة مليار دولار ليتوج به البنك عاما تاريخيا له.
وقدمت المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص وبنك برج ومقره كراتشي طلبا لتقديم المشورة في إصدار الصكوك السيادية، واجتمعا مع وزارة المالية الباكستانية في وقت سابق.
وذكر بيان للوزارة أنها ستنظر في الطلبات المقدمة بدءا من الأسبوع المقبل.
وتملك المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص حصة نسبتها 33.9 بالمائة في بنك برج الإسلامي في إطار مساعيها لتمويل مشروعات بالقطاع الخاص في دولها الأعضاء الإحدى والخمسين.
وأعلنت المؤسسة قبل أيام عن خطط للمساعدة في إقامة منطقة اقتصادية خاصة في سيراليون، وهي أول مبادرة لها في الدولة الأفريقية ووقعت المؤسسة كذلك اتفاقا مع صندوق أوبك للتنمية الدولية الذي يتخذ من فيينا مقرا له للتعاون في تطوير القطاع الخاصة في الدول التي تجمع بين أنشطتهما.
دعم المشروعات الصغيرة
وفي وقت سابق هذا الأسبوع وقعت المؤسسة اتفاقات منفصلة للمساهمة في تأسيس شركات تأجير إسلامية في ماليزيا وأوزبكستان، إلى جانب تقديم تمويل قيمته خمسة ملايين دولار لدعم إقراض مشروعات صغيرة ومتوسطة في الدولة السوفيتية السابقة.
وفي تونس اتفق بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة مع المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص على مساعدة الشركات الصغيرة في تونس، وذلك في اتفاقية تم توقيعها في فبراير- شباط الماضي.
وتشمل الخطط تأسيس صندوق استثمار إسلامي برأسمال 50 مليون دينار (32.3 مليون دولار) أطلقته شركة الخليج المتحد للخدمات المالية - شمال أفريقيا ومقرها تونس، والشركة مملوكة بنسبة 60 في المائة لبنك الخليج المتحد ومقره البحرين.
وقال العبودي «إن نسخ مثل هذا النموذج في دول أعضاء أخرى هو أمر قيد الدراسة».
وأضاف أن شمال أفريقيا تمثل سوقا كبيرة قوامها 190 مليون شخص وهي سوق غير مستغلة حتى الآن، مؤكدا أنه ومع موجات الربيع العربي والتغيرات السياسية الحادثة هناك فإن فرصا كثيرة تلوح في هذه الدول.
وفي مارس- آذار الماضي وقعت المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص وصندوق الأجيال التابع للهيئة العامة للاستثمار الكويتية اتفاقا للاستثمار المشترك في القطاع الخاص بالمغرب.
شركات الإجارة
وأكد العبودي أن المؤسسة تأمل أيضا في تحسين فرص مؤسسات المشروعات الصغيرة والمتوسطة في البلدان الإسلامية في الحصول على التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية، وذلك في الوقت الذي ينمو فيه النشاط في أفريقيا.
وقال «هذا قطاع مهم في كل الدول الأعضاء بما فيها الدول ذات الدخل المرتفع.
وتركز المؤسسة -حاليا- على هذا القطاع من خلال توسيع خطوط التمويل للبنوك المحلية وإنشاء شركات للإجارة وصناديق للاستثمار».
ولدى المؤسسة بالفعل شبكة من شركات الإجارة في أذربيجان وأوزبكستان وطاجيكستان وقازاخستان وألبانيا، في حين ساعدت على إنشاء شركة تأجير في جمهورية تتارستان الروسية.
وأكد العبودي أن الأراضي الفلسطينية يمكن أن تنضم للقائمة قريبا في وقت تستعد فيه أول شركة للإجارة في السوق الفلسطيني لبدء العمل برأسمال 12 مليون دولار، على أمل أن تقوم بتحسين فرص الشركات الصغيرة والمتوسطة في الحصول على تمويل بمساعدة المؤسسة.
وقال العبودي إن الشركة الفلسطينية تقوم في الوقت الراهن بالحصول على الموافقات والتراخيص اللازمة كافة لمزاولة عملها، وتم استئجار مقرها وتأسيسه، كما أن عملية التوظيف فيها قد بلغت مراحلها النهائية.
وفي تشاد تقوم المؤسسة -حاليا- بتقديم الدعم لإنشاء مصرف إسلامي وشركة إجارة من المقرر أن يبدأ كل منهما العمل فور تلقي الموافقات النهائية من السلطات المحلية هناك.