تبذل حكومتنا حفظها الله الغالي والرخيص في سبيل خدمة هذا الوطن وأبنائه والنهوض بهذه البلاد الغالية في شتى المجالات.. وهذا شيء يلمسه كل مواطن مخلص نزيه.. ومن تلك المشاريع العملاقة المتنوّعة مشاريع تحلية المياه المالحة.. التي أصبحت مصدراً حيوياً لمياه الشرب والتصنيع في مختلف مناطق بلادنا المترامية الأطراف. حتى لقد سلكت شبكات هذه المياه عمق الصحاري والقفار لتصل إلى المدن والقرى والواحات الداخلية مما لا يخطر على قلب بشر في الماضي القريب - وهل يتصوّر إنسان أن بلدان نجد القابعة وسط صحراء الجزيرة ستشرب يوماً ما من مياه البحر؟!
إن مدينة المجمعة تتوسط هذه المحافظات الداخلية، وهي بلد يخطو خطوات متسارعة في النمو والتطور في هذا العهد الزاهر وتزداد به الكثافة السكانية بوتيرة متصاعدة، حيث موقع هذه المدينة على مفترق طرق دولية، وتمر بها سكة حديد الشمال وبها محطة للركاب، كما يمر بها طريق الجبيل ينبع الذي يجري العمل فيه. ومن جهة أخرى فعلى مشارفها الجنوبية مدينة سدير للصناعة والأعمال وما تتطلبه في المستقبل من كميات كبيرة من المياه، وشمالها موقع كلية الملك فيصل الجوية وملحقاتها التي ستنقل إلى هنا، وفي وسطها جامعة المجمعة بكلياتها العديدة.. هذه المدينة الناهضة وما يتبعها من بلدان كقطاع الحوطة والروضة وجلاجل وقراه، وقطاع تمير وقراه، وقطاع الأرطاوية وقراها .. ومحافظات مجاورة وهي محافظات الزلفي، والغاط، وشقراء، وثادق.. لم تعد الكميات المقرّرة لها وما جاورها من مياه التحلية الآتية عبر ذلك الخط الطويل من الدمام إلى الرياض فسدير، ثم إلى القصيم .. لم تعد كافية، فالمجمعة تعاني وتلك البلدان من نقص شديد في المياه.
لذا فإننا نأمل من المسؤولين في الدولة وفَّقهم الله وبالأخص المسؤول المباشر معالي وزير المياه والكهرباء المهندس عبد الله الحصين. وهو المعروف بإخلاصه ونشاطه وتفانيه في خدمة وطنه بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مليكنا الوطني الذي تحقق في عهده الكثير من المشاريع العملاقة، والتوسعات الفريدة للحرمين الشريفين والجامعات الجديدة، أطال الله في عمره وأمده بالصحة والتوفيق.. نأمل منهم العمل على مد خط لجلب المياه المحلاَّة من رأس الخير إلى مدينة المجمعة مباشرة، وذلك بمحاذاة طريق الجبيل ينبع الجديد المار بالمجمعة.
ففي ذلك اختصار كبير للمسافة وهذا أمر مهم جداً، وتخفيف للضغط الحاصل على الخط المغذي لمدينة الرياض بكثافتها السكانية التي تزيد عن خمسة ملايين نسمة، حيث سيخدم بالإضافة إلى محافظة المجمعة المحافظات الداخلية المجاورة التي أشرنا إليها، وبالإمكان ربطه بالخط الحالي المار بالمجمعة لتغذية مناطق أخرى .. هذا مطلب ملح أطرحه على المسؤولين في حكومتنا الرشيدة أعزها الله، فمياه التحلية هي الخيار الإستراتيجي الوحيد لتوفير المياه، وحماية المياه الجوفية من الاستنزاف لتبقى ذخراً للأجيال القادمة، بل مدها بمصدر جديد، عسى أن ينال النظر الكريم ويحظى بالقناعة من جدواه، أدام الله علينا نعمة الأمن والاستقرار في ظل دولتنا السنيَّة.