دروس وعبر كثيرة يمكن الخروج بها من الحادثة المأساوية والجريمة الشنيعة التي ذهبت ضحيتها الطالبة السعودية المرحومة ناهد المانع الزيد، التي كانت مبتعثة للدراسة في بريطانيا ونيل درجة الدكتوراه.
أتحدث، بالتحديد، عما يقوله بعض الطلبة المبتعثين في بريطانيا عن ضعف الدور التوجيهي للملحقية الثقافية في بريطانيا تجاه المبتعثين الجدد. هؤلاء الطلاب الذين يأتون للدراسة في بريطانيا للمرة الأولى لا يعرفون في أحيان كثيرة المعلومات الأساسية التي ينبغي معرفتها فيما يتعلق بالأحياء التي ينبغي تجنب سكناها أو الشوارع والطرق التي ينبغي تجنب السير فيها وعادات الناس وتقاليدهم في البلد التي يدرسون فيها والنواحي القانونية والمحاذير السلوكية وغير ذلك من الأمور التي قد تخفى على الطالب الجديد الذي ربما يتصرف ببراءة وحسن نية وهو لا يعرف أنه ربما يقترب من دائرة الخطر دون أن يعلم.
أسئلة كثيرة تتناثر حول دور الملحقيات الثقافية وعدم قيامها بالمهام التي يتعين عليها القيام بها لمساعدة الطلاب المبتعثين. وفيما يتعلق ببريطانيا تحديداً، هناك من يقول إن الملحقية همشت دور نوادي الطلبة السعوديين (جريدة الحياة/ السبت الماضي)، وهي النوادي التي كانت تقوم بأدوار مهمة للغاية في مساعدة الطلبة السعوديين المستجدين وتوثيق العلاقات بينهم وبين الطلبة المقيمين وتوفير بيئة اجتماعية وثقافية للطلبة السعوديين. وقد كانت تجربة نوادي الطلبة السعوديين في ديار الابتعاث ناجحة على مدى سنوات طويلة، ولا يدرك قيمة هذه النوادي أحدٌ مثل الطلبة المستجدين الذين يحتاجون إلى معلومات أساسية عن المدينة التي يحلون فيها، وهي معلومات تتجاوز ما يمكن أن يعثر عليه الطالب بطريقته الخاصة عن طريق الإنترنت أو الوسائل العامة الأخرى.
صحيح أن العبء كبير نظراً لضخامة أعداد المبتعثين، لكن ذلك لا يعفي الملحقيات الثقافية من مسؤولياتها، خاصة أن الطلاب أنفسهم لديهم الاستعداد للانخراط في العمل التطوعي في نوادي الطلاب. ومعروف أن من أهم الفوائد التي يحصل عليها الطلبة من تلك النوادي اكتسابهم لمهارات العمل التطوعي الذي يُعِدَّهم لخوض غمار الحياة العملية بعد التخرج والعودة إلى الوطن.
يجب تفعيل أدوار نوادي الطلبة السعوديين في بريطانيا وفي غيرها، فما تقوم به تلك النوادي من تهيئة للطالب للتعامل والعيش في ديار الابتعاث يفوق الدورات التحضيرية العمومية التي يتلقاها الطالب في المملكة قبل سفره، خاصة أن المعلومات التي تقدم في تلك الدورات غالباً ما تكون مكررة ومعروفة سلفاً لدى الطالب.