وأنا أقرأُ صفحات جريدة الجزيرة الغرّاء يوم الأربعاء 27 شعبان 1435هـ الموافق 25 يونيو 2014م، العدد (15245) استرعى انتباهي خبراً كان عنوانه: «تحرِّيات شرطة الرياض تطيح بـ(4) عصابات سرقة وسطو طالت المملكة وامتدت إلى الكويت.. العقيد الميمان لـ(الجزيرة): المسروقات النقدية تجاوزت 6 ملايين ريال».
وتعليقاً على هذا الخبر أقول: إنّ الجريمة المنظمة شكّلت في الآونة الأخيرة ظاهرة ملفتة للنظر تستحق الدراسة والتأمل والمناقشة، وهي قَطْعاً ظاهرة وافدة على مجتمعنا من حيث أسلوبها ووسائل تنفيذها بل والمرتكبين لها.
فسرقة المنازل والمتاجر وحتى السيارات بأساليب غير مألوفة ووفق نظام العصابات.. وعمليات النصب والاحتيال بطرق مبتكرة وجديدة.
مثل هذه الجرائم الجديدة في أنماطها بالنسبة لمجتمعنا، هي أبعد ما تكون عن سلوكيات أفراده المتدينين بطبعهم والذين ظلُّوا بمنأى عن أشكالٍ عديدة من ظواهر الإجرام المنظم والانحراف السلوكي بمثل تلك الدرجة من الإتقان. فيما عدا حوادث متفرقة تظل استثنائية وهي تؤكد القاعدة أكثر مما تنفيها..
تلك الميزة الأخلاقية للسعوديين تعود إلى جملة أسباب ربما تأتي في طليعتها التركيبة النفسية الخاصة للسعودي الذي يأنف ممارسة مثل هذه الأشكال من الجريمة.. كما أن قِيَمَاً وتقاليد راسخة ترتبط بالعيب والالتزام الأخلاقي في السلوك تحظى لدى الإنسان السعودي بقدر كبير من القبول والتشجيع منذ طفولته وحتى شيخوخته.. مضافاً إلى سيطرة ضوابط وروادع أخلاقية على درجة كبيرة من التأثير والكفاءة تحكم سلوكيات الأفراد وتضبط إيقاع حركة المجتمع.. ناهيك عن الكفاءة المتنامية للأجهزة الأمنية المختصة بمكافحة الجريمة في وطننا.
فالجريمة المنظمة الوافدة ظاهرة غير طبيعية - وإن كانت غير مقبولة أو مألوفة لدينا - لها أسبابها وجذورها، فهي من ناحية نتيجة للتحوّلات والتغييرات الاقتصادية والتنموية التي يشهدها مجتمعنا.. وهي من ناحية أخرى «مرض» جاء مع أولئك الوافدين إلى مجتمعنا الذين يفدون من مجتمعات ترعرعت فيها الجريمة المنظمة ومثلت خاصية من خصائصها..
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: كيف نواجه هذا النمط الغريب من الجريمة؟ وكيف نحمي مجتمعنا منها..؟ أعتقد أننَّا لسنا في حاجةٍ للقول بأن عملية تقييم ومراجعة لتلك النوعيات من الوافدين الذين يعيشون بيننا والذين يشكِّلون عنصر رفد لمثل هذا النوع من الجريمة ينبغي القيام بها.. كما أنّ المتشدِّدين مع المجرمين ومعاقبتهم بأشد أنواع العقاب يبدو وسيلة ناجعة تسهم بالقضاء على الظاهرة في طورها الأول..!
ويأتي بعد ذلك دور المواطن وإسهامه في صنع مجتمعه النظيف الخالي من الجريمة القائم على أسس الأمن والاستقرار وتوفير الطمأنينة.. بتعاونه مع الأجهزة الأمنية المختصة بمكافحة الجريمة وتبليغه الفوري عن كل جريمة حالة انحراف، مثل التي ذكرنا، التزاماً بروح المواطنة الصالحة..
إنه الواجب العظيم فمن يستجيب له؟