على مدى ثلاثين عاماً وأنا أتنقل بين علماء الأمة، أسجل برامجهم، وأجري معهم اللقاءات الإذاعية والتلفزيونية المختلفة، حيث تميز إعلامنا -ولله الحمد- بالمصداقية والوسطية، والمحافظة على القيم والثوابت، والمبادئ، والأخلاق الكريمة.
ولا زلت أذكر موقفاً حدث معي قبل فترة، ولا يفارق ذاكرتي، إذ بينما كنت أصلي العشاء في أحد مساجد الرياض، وبعد فراغي من صلاة السنة الراتبة، وخروجي من المسجد، استوقفني على باب المسجد شيخ وقور، عليه المهابة، مرتب الهندام، مشرق البسمة، فسلّم عليَّ، وسألني قائلاً: ألست أنت الذي يطرح الأسئلة على العلماء؟ أجبته: نعم.
فتهلل وجهه، ثم قال:كم من الدعوات تصل إلى علمائنا الأفاضل جزاك الله كل خير، هذه الدعوات بسبب جهودهم المباركة في خدمة الناس والإجابة عن أسئلتهم واستفساراتهم، وتبصيرهم بأمور دينهم، سواء كان ذلك في الإذاعة أم في التلفزيون، وأفيدك أن الناس يتحرون هذه البرامج، ويضبطون ساعاتهم ومواعيدهم من أجل متابعة هذه البرامج، وخصوصاً إذاعة القرآن الكريم التي نجد فيها السعادة والطمأنينة. ثم ختم ذلك الشيخ حديثه بالدعاء لولاة الأمور في هذه البلاد، وللمسؤولين عن الإعلام في بلادنا. شكرته، ودعوت الله أن يتقبل منه ومن الجميع جهودهم المباركة، ثم ودعته وانصرفت.
حدثت نفسي أن الله عز وجل قد وضع لعلمائنا الأفاضل ممن يقومون بإفتاء الناس في البرامج المختلفة وضع لهم القبول في الأرض، والمحبة من الناس جميعاً، وهذا واضح من خلال الرسائل والاتصالات التي تصل إلى البرامج المختلفة في الإذاعة والتلفزيون، والتي يثني فيها المشاهدون والمستمعون على القائمين على الإعلام، والمسؤولين عنه، حيث ينعم المشاهدون والمستمعون بالتواصل مع العلماء ويستفيدون من توجيهاتهم الصادقة، ونصائحهم الغالية، وفتاواهم التي تنير الطريق للناس وترشدهم في أمورحياتهم المختلفة، وتعمل على حل مشكلاتهم.
ويسرني بمناسبة هذا المقال أن أنقل الدعوات الصادقة من المشاهدين، والشكر الوافر، لمعالي رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الأستاذ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الهزاع -وفقه الله- على جهوده الكبيرة، وحرصه الشديد على هذه البرامج التي يستفيد منها الجميع. فقد كان -حفظه الله- بركة على إعلامنا منذ تولى زمام هيئة الإذاعة والتلفزيون، فحرص على نشر الخير، وتذليل كل الصعوبات أمام هذه البرامج المباركة، ليتيح الفرصة لعلمائنا الكرام لأداء رسالتهم في خدمة الأمة، ونشر الخير وإرشاد الناس لما فيه الخير لهم في الدين والدنيا. فجزاه الله خير الجزاء، وجعل ذلك في ميزان حسناته يوم القيامة. كما نسأله أن يوفق جميع المسؤولين في الإذاعة والتلفزيون، وأن يجزيهم خيراً على ما يقدمونه للإسلام والمسلمين. هو ولي ذلك والقادر عليه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.