في الوقت الذي تدق فيه طهران وما يسمّى بالمرجعيات طبول الحرب في العراق وتطلب تدخل واشنطن في الشأن العراقي، حذرت المملكة من خطورة ما يجري في العراق ودعت على لسان وزير الخارجية سمو الأمير سعود الفيصل إلى تلبية الحقوق المشروعة للشعوب وتحقيق المصالحة الوطنية من دون أي تدخل أجنبي أو أجندات خارجية.
ورد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المتلحف بالعباءة الإيرانية باتهام المملكة بدعم المنظمات المسلحة، وهو اتهام قالت المملكة إنه مدعاة للسخرية، لأن سياسات المالكي الطائفية والإقصائية للعرب السنة هي التي أوصلت البلاد إلى هذا الوضع الخطير الذي ينذر بتداعيات أمنية خطيرة على المنطقة،كما قال وزير الخارجية.
إن ما يقوم به المالكي وما يسمى بالمرجعيات من تأجيج للمشاعر الطائفية واستغلال الناس البسطاء ودفعهم للاقتتال والذبح على الهوية، وما أعلنته إيران بأنها سوف تدافع عن الأماكن الشيعية في العراق،كل ذلك يشير إلى الروح المغامرة التي تهدف إلى الهروب من الأزمات الداخلية وتصديرها إلى الخارج، لفك عزلة طهران الدولية الناجمة عن أكذوبة مفاعلاتها االنووية التي بنتها على حساب قوت الشعب الإيراني المقهور الذي أصبحت آلاف العائلات فيه تبيع بناتها ونساءها في سوق زواج المتعة للتمكن من العيش.
لقد ادعت حكومة طهران وحزب الله اللبناني أنهما يقاتلان في سوريا لحماية الأماكن الدينية الشيعية فأغرقتا ذلك البلد العربي في بحور من الدماء وتسببتا في إلحاق الدمار الهائل به وتشريد الملايين من أبنائه وقتل مئات الآلاف منهم.كل ذلك بدعوى الدفاع عن المقدسات الشيعية، فأي زيف وادعاء أكبر من هذا؟
لقد قامت المملكة بجهود حثيثة لحل الأزمة السورية قبل تفاقمها، وهي تفعل الشيء ذاته في الأزمة العراقية، حيث التقى سمو ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز مع وزير الخارجية العراقي هوشيبار زيباري في محاولة لوقف نار الحرب من الانتشار، لكن المالكي رد بكيل اتهامات زائفة ضد المملكة بدلاً من اغتنام المبادرة السعودية والبناء عليها.
هكذا يفعل السياسيون المحترفون والقادة الحكماء، لكننا اليوم نواجه شخصيات وصلت إلى الحكم في غفلة من الزمن وهي مستعدة لقتل العباد ودمار البلاد من أجل التمسك بكرسي الحكم الذي لا تستحقه، ومن أجل خدمة للأسياد الذين أوصلوهم إليه.
لا يكاد يختلف اثنان على أن سياسات المالكي وأصحاب العمائم هم الذين أوصلوا العراق إلى الهاوية، وقد أوصدوا جميع الأبواب أمام الحوار ولغة العقل، وإذا كانوا لا يريدون أن يستمعوا إلى صوت الحكمة الصادر من المملكة، فليستمعوا إلى صوت سياسي من وزن إياد علاوي، رئيس الوزراء الأسبق الذي قال: إن على واشنطن أن توقف التدخل الإيراني في العراق.
إن الأزمة العراقية لا تحل من خلال دغدغة العواطف الدينية وارتداء شخصيات سياسية للزي العسكري واستغلال حرائر العراق في الحرب الأهلية. لقد كشفت هذه الأزمة، مثلما كشفت المأساة السورية، كذب من كانوا يدّعون بأنهم يبنون الجيوش ويشترون السلاح من أجل تحرير فلسطين، في الوقت الذي كان «فيلق القدس» أول من سفك دم الفلسطينيين في العراق وشرّدهم إلى خارجه.
على المغامرين في العراق وأسيادهم أن يعرفوا أن المملكة قد تحملت الكثير وتعرضت لانتقادات كثيرة لدورها في الجهود العالمية لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي، ولو كانت مدفوعة بدوافع طائفية لما قاتلت ضد صدام حسين السني، ولو كانت تعرف أن من وصلوا إلى سدّة الحكم سوف يعيدون العراق إلى عصور الظلام لما قدّمت كل تلك التضحيات. لقد فعلت ذلك من أجل ان يعود العراق عزيزًا إلى الصف العربي لا أن يصبح فريسة للسارقين والقتلة على الهوية.
إن الذين ينفثون سمومهم ضد المملكة سوف ترتد سمومهم إليهم وسيموتون، وسوف تنتصر أرض السواد.