استطاع العديد من المنظمات والشركات والمؤسسات التعليمية وغير التعليمية الوصول إلى المعلمين من خلال منظومة أعمال رائدة في تطوير التعليم والتعلم؛ على مستوى محلي وعالمي؛ بعضها في مجال نشر الثقافة التربوية ورعاية التميز وأخرى مشاركات عملية مكتبية وأخرى تقنية.
بعض المعلمين السعوديين تميز في التسويق، وبعضهم تميز في صناعة ما يستحق التسويق؛ بينما غاب السوق الرسمي أو مفهوم شراء وتبني ما يسوقه المعلم السعودي؛ بل قد يبدأ المعلم وينتهي المطاف باستنساخ بضاعة المعلم من قبل غيره؛ دون تكريم أو رعاية.
مفهوم التسويق التربوي غائب عن أعمال وزارة التربية والتعليم في السعودية؛ وحتى الآن لم تقدم ما يتخطى الحدود فضلاً عن تقديم خدمات تربوية مميزة للميدان داخلياً؛ ولا شك هناك محاولات في عالم التسويق التربوي على المستوى الرسمي ولكنها لا تصمد طويلاً؛ بسبب آليات المتابعة وأساليب وأدوات التسويق المستخدمة وسرعة التغيير والتبديل فضلا عن عوائق البروقراطية؛ وعوائق المركزية؛ وغياب منظومة الابتكار؛ والعمل دون تبني المفهوم.
عدم وجود جهة أو مؤسسات رسمية قادرة على تسويق فكرة تربوية أو تعليمية؛ فضلا عن أفكار جديدة أو مفيدة في مجال التربية والتعليم؛ مع استمرار الوزارة على الاستعانة بغير المعلم السعودي؛ رغم وجود جدارات قادرة على تسويق المنتجات والمعارف السعودية في مجال التربية والتعليم؛ مما جعل التسويق التربوي بحاجة لاعتماد فكرة التسويق أولا ثم الشروع في خطوات التسويق.
توحيد الجهود للقيام بمهام التسويق التربوي الجاد؛ تفتقر لآليات استقبال وتقديم الأفكار والتطبيقات وأساليب الابتكار.
الاعتراف بمفهوم التسويق وتحديده ثم ضبط آلياته وطرقه ووسائله؛ يتناغم مع ما تم تسويقه بالأدوات والأساليب التقليدية؛ إذ ممارسة التسويق ليست غائبة بشكل تام؛ وليس كلامي في هذه الفقرة تراجعا عن وصف التسويق التربوي؛ بل لتأكيد الفارق بين المفهوم والواقع.
لا يمكن إنكار وجود ما يستحق التسويق؛ أبداً لا أعني فقر الميدان؛ أو وزارة التربية؛ وأيضا لا أعني عدم ممارسة التسويق التربوي؛ بل أسأل عن المفهوم أولا ثم التقصير في مجال التسويق داخليا وخارجيا ثم ضعف التسويق التربوي؛ ناهيك عن ملل الأغلبية من المعلمين لأسباب كثيرة؛ منها غياب التحفيز وغياب رعاية الإبداع؛ بل وعدم رعاية الموهوب التربوي؛ وتكريم التميز ليس هو كل شيء؛ فضلا عن مواجهة المعلم بنزع مميزاته وظيفته المالية.
منذ سنوات ومراهنتي جادة لوجود احتفالية بالمعلم المبدع والموهوب معا؛ وكانت رؤيتي نحو المعلم المبدع محل التطبيق وبعد مطالبات عدد من المعلمين؛ ومشاركتي في مقالاتي تدعو لذلك نصا؛ ولكن هذا ليس كل المطلوب الذي أنادي به؛ إذ الموهوب التربوي خارج دائرة التفكير.
مركز إبداع المعلم الدائم أقترحه اليوم وأعلم بأنه سيكون وسيتم التسويق له دون مشاركة من ينادي به؛ ولعل معرض إبداع المعلم المؤقت بزمن محدد ليس هو حلم المعلم؛ إذ يعني محدودية التسويق التربوي؛ وقد بادرت شخصيا بالكتابة عن الاحتفاء بالمعلم المبدع.
ليس هذا كل شيء في التسويق التربوي فحلمي الآخر هو وجود مدينة لتنمية التربية وليس مجرد وجود المركز الدائم للمعلم المبدع. في مقالي هذا أدعو إلى إنشاء معهد تربوي تقوده وزارة التربية والتعليم؛ ليتولى التسويق التربوي.
ليس المهم متى يبدأ لقاء المعلم المبدع ولا المرور على محفله مرور الكرام؛ ولا كيف نترقب وجود كرسي للبحث هنا أو هناك في مجال التربية والتعليم؛ ولكن المهم كيف نحول الشراكة لإنشاء معهد تربوي سعودي؛ نظير معهد الإدارة العامة.
لا نريده محطة ليستنزف الأموال بسبب إقامته؛ بل لتأسيس أول معهد تربوي سعودي يتولى التسويق التربوي؛ وإنشاء المعهد يحتاج لاستقبال الفكرة أولا ثم عرضها بلغة علم الابتكار ثم اختيار الأفضل.
إشارتي للمعهد أو لمدينة تنمية التربية ليس انتصارا لاقتراح أحدهما؛ فقط افتح شهية التسويق لهما كجهتين لتولي التسويق التربوي.
مشوار التسويق التربوي طويل ومتجدد؛ وليس له مجالات تنتهي بخسارة المسوق والمسوق له؛ بينما مشواره التنوع في تقديم الخدمة التربوية وعدم اليأس حينما لا تروق لأحد.
أيضا لابد من التفريق بين الإجراءات والأعمال الإدارية وبين المطلوب تسويقه.
فالتسويق للجودة مرحلة إدارية مفروضة لا يعارض عليها؛ ولكن التسويق التربوي والعمل لأجله ينتظم في جوانب، ومنها:
الأول: تقديم الجديد أو تطوير القائم.
والثاني: رعاية الجديد حتى يصبح ثقافة عامة في الميدان وحول الميدان.
والثالث: رعاية الموهوب التربوي؛ إضافة لتبني فكرة المبدع التربوي؛ وبينهما فرق.
والرابع: إنشاء مدينة تنمية للتربية ترعى كل مبدع وموهوب تربوي.
والخامس: شراء الأفكار من المعلمين أو تكريم المبتكر للخدمة أو المنتج حتى لو فقد جوانب من التميز المطلق.
السادس: رصد كل الأفكار والكشف عنها حتى يستحيل استنساخها بغرض إنكار بدايتها.
السؤال: متى يكون مفهوم التسويق التربوي علم وإدارة مستقلة وأسلوب عمل يجمع شتات الإدارات المتقاطعة وهل هناك دراسات في مجال التسويق التربوي؟!
وختاماً: متى تبدأ رحلة الاستفتاء عن الخدمات التي تقدمها وزارة التربية والتعليم السعودية لمعلميها وطلابها ثم الشروع في تقويم الخدمات؛ ثم إعادتها كمنتج لسوق التربية والتعليم داخليا وخارجيا وممارسة أساليب التسويق التربوي إضافة للعمل الإداري التربوي ليصلح كل منهما الآخر؟!
إذا كان نظام نور تم تسويقه وقطع مرحلة ما؛ فلا يعني فقدان مميزاته؛ ولا يفرض وجوده على ما هو أفضل عند التسويق لغيره؛ والحكم لعلم الابتكار في تقييم أي خدمة أو منتج تربوي أو تعليمي؛ كالكتاب أو الآيباد؛ في كونهما مستودع محتوى المقرر؛ بخلاف أيهما أولى بالاستخدام ومتى وأين؟!
وأيهما أولى بالبقاء نظام المقررات للمدارس الكبيرة - 200 طالب وأكثر - أم للمدارس النظام الفصلي؛ وكذلك بالنسبة للمدارس الصغيرة - 20 طالبا وأقل من مئتين؟!