قالوا قديماً» الإنسان بدون خطة أو هدف كقارب بلا شراع تتقاذفه الأمواج»، فصناعة النجاح تحتاج إلى شخصية قادرة على تحقيق أهدافها على أرض الواقع وهذا التحقيق لن يكون إلا بوجود إستراتيجية تقوم على أسس علمية سليمة ليصل فيها الفرد إلى ما يريد تحقيقه، ولكن الكثير يغيب عنه أهمية هذا التخطيط لبلوغ الهدف المنشود في المستقبل القريب أو البعيد فتجده يتخبط بعشوائية دون الوصول إلى ما يريد. ولما للتخطيط من أهمية بالغة سواء على مستوى الفرد أو الجماعة و على كافة الأصعدة المهنية، الاجتماعية والأسرية سوف نتطرق إلى المعنى الحقيقي للتخطيط الذي لا يكون إلا بوضع تصوّر للمستقبل المنشود انطلاقاً من الوضع الراهن. وحتى يكون بناء التخطيط على الوجه السليم لا بد أن يكون وفق أربع قواعد أساسية: أن يكون هناك تحديد للأهداف بشكل دقيق، فعلى سبيل المثال عندما يكون للفرد عشرة أهداف ويختار منها هدفين بشكل دقيق ليعمل على تحقيقهما فهو يعمل بنسبة 80% بشكل فعَّال وهذا ما أثبتته قاعدة باريتو إذا أنجز فيها الفرد 20% من أهدافه. ومن ثم يبدأ الفرد في ترتيب الأولويات من الأهداف وفق أهميتها بالنسبة له فيختار الأهم ثم الأقل أهمية بعد مراعاة توفر شروط تحقيق الهدف من كونه واقعياً، محدداً، قابلاً للقياس وقابلاً للتنفيذ.، ثم يبدأ بوضع خطة علمية في سبيل تحقيق الهدف مراعياً تحديد المدة الزمنية في الحصول على هذا الهدف ومن ثم يعمل على وضع خطة بديلة أو كما تُسمى (خطة طوارئ) بعد تدوين العقبات التي سوف تواجهه وكيف يمكن له أن يجتازها عند تنفيذ الخطة لتحقيق الهدف في حال إخفاقه في تحقيق هذا الهدف فهذا يساعده بلا شك في توفير الوقت واتخاذ القرار الصائب لنيل هذا الهدف المراد في الفترة الزمنية المحددة. وأخيراُ يبدأ الفرد في كتابة ما سوف يفعل في حال تم تحقيق الهدف أو في حال فشله ليرسم بذلك خطة مساندة إلى الخطة التي رسمها أول مرة في تحقيق مبتغاه. هناك من يغيب عنهم التخطيط للمستقبل لعدة أسباب إما أن الهدف يكون فيها غائباً فلا يستطيع بناء خطة مستقبلية دون وجود هدف محدد يسعى إلى تحقيقه وهذه الفئة من الناس ينطبق عليها المقولة التي ذكرت في بداية المقال، وقد يكون غياب الشعور بالمسؤولية تجاه الذات أو الآخرين سبباً في غياب الخطة المستقبلية للفرد، ومن الأسباب كذلك التي تؤدي إلى غياب هذا التخطيط هو عدم وعي الفرد بالمتغيِّرات الحاصلة والتي يغيب فيهالوعي عن إدراك أهمية تحقيق الهدف الذي يكون له الأثر الفعَّال على الذات الإنسانية، ولا نغفل كذلك عن مدى أهمية التفاؤل والتطلعات الإيجابية التي تعيننا - بعد الله- في تحقيق الهدف بدلاً من التشاؤم والإحباط ومن الأسباب التي تعيق الفرد كذلك هو وجود بعض المفاهيم الخاطئة حول صورة الهدف بشكل عام في كوننا نعمل للآخرة فقط وننسى نصيبنا من الدنيا، فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا»، فلا ننسى خير مثال لنا يحتذى به معلم البشرية المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما كان من أهدافه نشر الدين الإسلامي وهذا الهدف كان بناءً على خطة رسمها رسولنا الكريم بوحي من الله ليصل الدين الإسلامي لمشارق الأرض ومغاربها. ولا ننسى أيضاً عندما سُئل العالم تشارلز كيترنج عن سبب حديثه الكثير عن المستقبل وكانت إجابته بلغة بسيطة دون تعقيد «لأني سوف أمضي فيه بقية حياتي».