كشف مستثمرون عقاريون عن وجود نحو970 ألف وحدة سكنية غير مشغولة (شاغرة) تمثِّل نحو 17 في المئة من إجمالي عدد المساكن القائمة في المملكة البالغة نحو 5 ملايين و(622) ألف مسكن حتَّى نهاية 2010م، وأكَّدوا على أن هذا الرقم يدل على وجود خلل يحتاج إلى حلول من قبل الجهات المختصة، وقالوا: إن النسبة التي أعلنتها مصلحة الإحصاءات هي أقل من النسبة الحقيقية لأداء السوق، وأن المشكلة الحقيقية تكمن في الأراضي البيضاء غير المستغلَّة والمتوقفة على حالها منذ عشرات السنين، خصوصًا المخططات التي دخلت أخيرًا في النِّطاق العمراني ويصر أصحابها على الاحتفاظ بها، وأن الفجوة تكمن في حصر الأراضي البيضاء ومعالجتها وتطويرها وليس قصرًا على الوحدات الشاغرة التي لا تشكّل أيّ نسبة تذكر بالنسبة إلى الأراضي الفضاء.
وذكروا أن الرياض احتلت المرتبة الثانية عشرة في نسبة المساكن الشاغرة إلى إجمالي عدد المساكن القائمة في المنطقة، حيث بلغ عدد المساكن الشاغرة في الرياض نحو 123 ألف وحدة سكنية تمثِّل 9.6 في المئة من إجمالي عدد المساكن القائمة في الرياض البالغ نحو 1.28 مليون وحدة سكنية.
وبيَّنوا أن التقرير الذي صدر مؤخرًا عن وجود نحو 400 ألف طلب لدى البنوك العاملة في السوق من أجل التملك العقاري صحيح ويرجع إلى عدَّة أسباب لعلَّ أهمها وجود خلل في مجال البناء وخصوصًا من قبل المستثمرين الأفراد وغلاء الأسعار وقلّة دخل المواطن، مما أوقف تلك الطلبات، وجعل هناك تغيِّرات حديثة في المجتمع، التي بسببها ستتغيَّر فكرة البناء الخاص والاتجاه إلى الشركات المعروفة في مجال البناء التي تعطي ضمانات لشراء الوحدات الجاهزة، ومن أهم هذه التغيِّرات «وقت العمل لدى الباحث عن التملك، وقلّة المقاولين المتمكنين، وجودة المنتج، والهدر الكبير في المواد»، حيث إن كل هذه العوامل ستحول البناء الشخصي بشكل تدريجي من 90 في المئة، في الوقت الحالي إلى 10 في المئة، في المستقبل، وستكون الحصة الأكبر لقطاع التطوير العقاري، وزارة الإسكان، والشركات.
وقال العقاري سلمان بن عبد الله بن سعيدان: إن وجود تلك الشواغر بهذه الأرقام يدل على وجود خلل في البنية الإسكانية سوى من حيث رداءة البناء من قبل بعض المستثمرين الذين زاد عددهم في السوق، مما جعل البنوك تتوقف عن التمويل خوفًا من عواقب البناء بعد فترة من الشراء.
وذكر ابن سعيدان أن حالة الركود وعدم الوضوح التي يعيشها القطاع العقاري أدت إلى خروج بعض شركات التطوير من السوق، فيما عمد البعض الآخر إلى تقليص حجم أعماله إلى مستويات متدنية جدًا، في انتظار رؤية ما ستسفر عنه الفترة المقبلة التي تعد مرحلة ترقب بسبب إجراءات الإسكان.
وبيَّن ابن سعيدان أنّه بالرغم من وجود خلل في مجالات البناء إلا أن السوق الإسكاني في المملكة لا يزال يحتاج المزيد من الأموال التي تضخ فيها، حيث إن الدراسات تُوضِّح أنّه ما زال نحو 55 في المئة يبحثون عن تملك المساكن، وهذا يعطي أن القطاع العقاري السعودي يُعدُّ الأهم والأعلى ليس في المنطقة الخليجيَّة فحسب، بل في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف: هناك تغيّرات حديثة في المجتمع، بسببها ستتغيَّر فكرة البناء الخاص والاتجاه إلى الشركات المعروفة في مجال البناء التي تعطي ضمانات لشراء الوحدات الجاهزة، ومن أهم هذه التغيّرات «وقت العمل لدى الباحث عن التملك، وقلّة المقاولين المتمكنين، وجودة المنتج، والهدر الكبير في المواد»، حيث إن كل هذه العوامل ستضعف التوجُّه نحو البناء الشخصي في المستقبل، وستكون الحصة الأكبر لقطاع التطوير، وزارة الإسكان، والشركات.
في ذات السياق قال المستثمر العقاري سلمان العاطفي: إن إحياء الرياض تشهد ارتفاعًا في الطلب على المساكن، كما أن العقارات بمواصفاتها المختلفة أصبحت مطلوبة بسبب التفاوت في الإمكانات المادِّية بالنسبة للمواطنين، مما جعلهم يتوزعون على المناطق المختلفة وبالتالي ارتفاع الطلب على الوحدات المختلفة. مبينًا أن ارتفاع الأسعار دليل على وجود احتكار شديد ومفرط من قبل أصحاب العقارات والمستثمرين وهو سبب رئيس وراء ارتفاع العقارات في ظلِّ غياب التشريعات المنظمة لذلك.
وذكر العاطفي أن ارتفاع أسعار مواد البناء والأراضي والعمالة وقلّة دخل الفرد وترقب قرارات وزارة الإسكان، هي التي أوجدت الخلل في مجال البناء وهذا كلّّه من أبرز المعوقات التي تواجه المقاولين والمطوِّرين في إنشاء المزيد من الوحدات السكنية.
وفي دراسة قامت بها وزارة التخطيط أوضحت أن 55 في المئة فقط من المواطنين يملكون منازل خاصة بهم، من هنا أصبح تملك السكن مصدر قلق دائم للشباب الذي يطمح إلى تكوين الأسرة المستقرة، أن الممارسة القائمة حاليًّا تجاه توفير سكن للمواطن هي ممارسة غير مجدية وتحتاج إلى مراجعة من جميع الأطراف المعنية بهذا الشأن، فبرامج الإسكان الحكومي في فترة السبعينيات تضمنت منح المواطن قطعة أرض، ثمَّ إعطاؤه قرضًا عقاريًّا لمساعدته في البناء، ثمَّ تقوم البلدية بتطوير موقع الأرض وتوفير الخدمات الضرورية له.
ومن المتوقع أن ينمو قطاع الإسكان بنحو 5 في المئة سنويًا، وأن يصل عدد الوحدات السكنية المطلوبة حتَّى 2025م نحو أربعة ملايين وحدة سكنية.
يذكر أن مجمل متطلبات تمويل الإسكان في المملكة لسنة واحدة قد يصل إلى نحو 117ألف مليون ريال، و63 في المئة من السكان يسكنون في مناطق مكة والرياض والشرقية، كما أن معالجة مشكلة الفقر وإسهام القطاع الخاص أبرز الحلول لمشكلة الإسكان.