من مشاهدة شخصية لي سجلتها أثناء تعاملي مع وزارة الشؤون الاجتماعية لمست على أرض الواقع حجم العمل الذي يقومون به ويشرفون عليه, وهذا أمر طبيعي في بلد كالمملكة مترامية الأطراف وفيها تعداد سكاني كبير, لكن أيضا ما لمسته وشاهدته هو التنظيم الرائع الذي تعمل به الوزارة لتقديم خدماتها على أكمل وجه, ولو طبقنا فرضية القطاع الخاص على الوزارة لوجدناها تتعامل بهذه الروح على اعتبار أن كل مراجعيها هم زبائن لديها ومستحقون للخدمة والرعاية سعيا لنيل رضاهم.
مشاهدتي الخاصة كانت بخصوص القائمين على إدارة ذوي الاحتياجات الخاصة وأخص بالذكر المعاقين حركياً, فالوزارة ليس فقط تقوم بتامين الكراسي المدولبة للمعاقين حركياً وهي من النوعية الاعتيادية الطبيعية بل أيضا تقوم بتامين كراسي ذات مميزات وخصائص عالية جدا وحسب حاجة المعاق حركيا وما يتناسب مع درجة إعاقته, وهذه النوعية من الكراسي هي مكلفة حقيقة ولكن الأهم صعوبة تأمينها والحصول عليها لأنها عادة لا تنتج بكميات كبيرة تغطي حجم الاحتياجات, القائمون على هذه الخدمات في الوزارة يؤكدون أن كل معاق حركي له كرسي عادي وأيضا له كرسي خاص إن اقتضت الضرورة ذلك.
خدمات وزارة الشؤون الاجتماعية خدمات عامة ومتنوعة وبالاطلاع على موقعها الالكتروني ستكتشف حجم الجهود والتغطية التي مناطة بها, خدمات الإعالة والصحية والمسنين والأيتام كلها تعتبر حقيقة في نظام رعاية الزبائن والعملاء في فرضية القطاع الخاص, إلا أنها مفرغة من روح القطاع الخاص الربحية, لذلك فانه من المنطق أن يتم إعادة برمجة الوزارة بحيث تصبح وزارة خدماتية تدار بنظريات القطاع الخاص, الاستمرارية موجودة كوزارة حكومية فيتبقى لدينا الربحية وهذه تحتاح إلى إدارة متخصصة ومجهزة لتنفيذ هذا التوجه,
لا داع لخصخصتها وإحالتها للقطاع الخاص لكن المطلوب هو إعطاء مساحات أوسع من اتخاذ القرار والاستقلالية لكادر الوزارة ابتداء من معالي الوزير الذي أبثت نجاح إدارته وتميزها وحتى نصل إلى اقل مستوى وظيفي بالوزارة, والربحية هنا ليس بالضرورة أن تعني النقدية كفائض إيرادي بل يمكن اعتبار الربحية للوزارة كحجم توفير أو معادلة النفقات, ومعادلة النفقات تأتي من باب الشراكة مع القطاع الخاص في إنشاء مصانع خاصة للجاهزة والمعدات التي تشتريها الوزارة أساسا, هذه المصانع من دورها أن توسع دائرة الاستثمار والأسواق المستهدفة وبالتالي فان حجم إنتاجها لوزارة الشؤون الاجتماعية سيغطة من الإيرادات الأخرى ولو بنسب معينة.
الوزارة تحتاج إلى إعادة برمجة وليس إعادة هيكلة لأنه حقيقة معالي الوزير يديرها بشكل ممتاز والكوادر التي تحت إدارته تعي جيدا حجم الإنتاجية المطلوبة من الوزارة, هي مجرد فكرة تستحق المناقشة وليس فقط لوزارة الشؤون الاجتماعية بل أيضا لعديد من الوزارات التي يمكن تسميتها ضمن نظرية خدمة العملاء والزبائن.