قبل عقد من الزمان كانت كلمة «حلال» تستخدم غالبا لوصف الأطعمة التي يتناولها المسلم، لكنها أصبحت تستخدم بشكل متزايد لوصف مجموعة منتجات وخدمات تشمل خطوط الموضة والطب والفنادق والسياحة والترفيه والتعليم. ويخلو معجون الأسنان والمنتجات الطبية الحلال مثلا من الكحول أو المشتقات الحيوانية المحرمة مثل لحم الخنزير والماشية المذبوحة على خلاف الشريعة. وتشير الموضة الحلال إلى الملابس غير المبهرجة والعصرية أيضا، وفي أحد محال مستحضرات التجميل بمركز تجاري فاخر في دبي تزاحمت سيدات لشراء طلاء أظافر يسمح بنفاذ الماء عبر الأظافر حتى يتسنى للمرأة الوضوء وهي تضعه. وقالت مي السخاوي المصرية المقيمة في دبي وهي في أوائل الثلاثينيات من عمرها «انتظرت هذا المنتج طويلا.
الآن أستطيع وضع طلاء الأظافر دون أن أخالف عقيدتي الدينية أو تتأثر صلاتي».
بين مستحضرات التجميل والفنادق وبين السياحة والسفر ومعجون الأسنان أصبح وضع المعايير للمنتجات المتوافقة مع الشريعة قطاعا تجاريا كبيرا بالعالم الإسلامي. وترى دبي ذات النزعة الاستهلاكية المتحررة فرصة سانحة في هذا القطاع. وتقوم الإمارة بأول جهد منظم في العالم للاستفادة من قطاع السلع والخدمات «الحلال» أو المتوافقة مع الشريعة عبر وضع معايير دولية تنظم القطاع ومنح شهادات اعتماد للجهات المتوافقة مع تلك المعايير. وفي السنه الماضية أعلن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خططا للإمارة لتكون مركزا للاقتصاد الإسلامي. وفي الواقع قد تنجح دبي لسبب محدد هو روحها العالمية. فقد تجد المعايير الحلال الموضوعة في بلاد أكثر تشددا صعوبة في كسب قبول الناس في مجتمعات أكثر تحررا كماليزيا. تقول وكالة رويترز:»ربما دبي الآن في أفضل وضع ممكن لكي تسلك طريقا وسطا يقبله معظم مسلمي العالم البالغ عددهم 1.6 مليار نسمة».
ويقول جيم كرين الزميل بمعهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس في الولايات المتحدة ومؤلف كتاب «مدينة الذهب: دبي وحلم الرأسمالية» إن «اقتصاد دبي معتمد على التعايش بين الأديان.»
وأضاف «هذا يجعل دبي حقل اختبار مثاليا للمعايير الحلال. فإن كانت المعايير الحلال متشددة جدا وتؤثر على الحريات الاجتماعية فقد تضر النشاط التجاري.»
وقد يرجع تزايد الاهتمام بالمنتجات الحلال جزئيا إلى المد الديني المتزايد في بعض دول العالم الإسلامي.
ويرى البعض أن هذا توجه استهلاكي تشجعه الشركات التي تطرح منتجات جديدة لتعزيز الطلب.
ولا أحد يعرف كم سينفق العالم الإسلامي على المنتجات الحلال لكن تقريرا صدر عن شركتي تومسون رويترز ودينار ستاندرد الاستشارية في نيويورك قدر الإنفاق الاستهلاكي للمسلمين على الأغذية والمنتجات الاستهلاكية والكمالية الأخرى عند 1.62 تريليون دولار عام 2012.
وقال رفيع الدين شيكوه الرئيس التنفيذي لدينار ستاندرد «التطور الحقيقي الحاصل الآن والذي يحمل فرصة كبيرة هو أن الحلال أصبح أحد شرائح المنتجات الاستهلاكية والكمالية».
وأضاف أن الفرصة التجارية الأساسية تنبع من وجود قاعدة عملاء واسعة تتخذ قرارات شراء آخذة بعين الاعتبار المبادئ الإسلامية.
وليس بمقدور دبي - البالغ عدد سكانها 2.2 مليون نسمة التي بها قاعدة صناعية محدودة - إنتاج معظم المنتجات الحلال على أراضيها. لذا فهي تضع معايير للتصميم ولاعتماد الشركات أملا في أن تكسب هذه المعايير قبولا عالميا. وإن حدث هذا فقد يستفيد اقتصاد دبي حين تفتتح الشركات الدولية التي تخدم الأسواق الإسلامية مكاتب للبحث والتسويق في الإمارة.
وهذا قد يشجع تلك الشركات على جمع الأموال من الأسواق المالية الإسلامية في دبي. وقال شيكوه «دبي وأي مركز يعمل على تطوير السوق الحلال سيشهد منتجات مالية واقتصادية فرعية متنوعة».
ويشوب آليات اعتماد الأغذية والمنتجات الحلال عالميا غياب التوحيد المعياري إذ تحصل الشركات على اعتمادات منفصلة في كل من الأسواق التي تعمل بها.
وتسعى دبي إلى تطوير آلية اعتماد مقبولة عالميا أسهل وأرخص كلفة. وتخطط حكومة الإمارة لفتح معمل ومركز اعتماد دولي في الربع الأول من العام الحالي.
وقالت أمينة أحمد محمد مدير إدارة الاعتماد بحكومة دبي «يجب أن يتوفر للمصنعين والمنتجين وهيئات الاعتماد حل مالي مناسب». وأضافت «نحن نستهدف شركات الإمارات بالأساس لكن آلية الاعتماد دولية ويمكن تطبيقها في أي مكان.» وذكرت أن دبي تتواصل مع هيئات اعتماد في أنحاء العالم لابتكار علامة معتمدة دوليا لوضعها على المنتجات الحلال.
وستعرض دبي تدريب الأفراد الذين يعملون في مجال منح شهادات الاعتماد الإسلامية وشهادات الجودة في بلاد أخرى.
والى جانب القاهرة وبيروت أصبحت دبي من ابرز الأماكن في ا لشرق الاوسط التي يقصدها السائحون للاقامة لفترات قصيرة حيث تشتهر بمراكزها التجارية الفاخرة وشواطئها وقاعات التزلج المغلقة وأطول برج في العالم بالإضافة إلى جزيرة النخلة الصناعية.