عاشت لسنين طويلة الأخطاء المُتعدِّدة ـ نتيجة الحرفية في الترجمة ـ في بعض أسماء الأشخاص والأماكن والقبائل التي احتوتها ترجمة معجم لوريمر المطبوع 1908م الذي يعده الباحثون أهم مرجع كتبه مستشرق في مجال البلدانيات (دليل الخليج العربي).
هذه الأخطاء - وخوفًا من تخليدها في الذاكرة- حفزت دارة الملك عبد العزيز للتصدي لترجمة معجم شبه الجزيرة العربيَّة CAZETTEER OF ARABIA الذي أصدره مكتب حكومة الهند البريطانية عام 1917م لأغراض غير علميَّة، أي بعد تسع سنوات من طباعة معجم لوريمر الشهير وهذا يعني أن الأخير هو الأحدث وبالتالي الأقرب لأن يكون الأشمل.
لم تكتف الدارة بذلك بل أضافت إلى هذا المعجم مادتين تاريخيتين تتكاملان معه وترصدان بنفس الدرجة والاهتمام الحياة الاجتماعيَّة والحالة الاقتصاديَّة والمسافات بين المواقع والاقتصاد والثروة المائية في شبه الجزيرة العربيَّة والمملكة العربيَّة السعوديَّة، وبعد الاطِّلاع على أصولها بلغتهما الأم. إحدى هاتين المادتين هي: دراسات استشارية قامت بها ثلاث شركات أجنبية لصالح وزارة النقل (المواصلات آنذاك) وشملت 7529 مدينة وقرية وهجرة قبل عام 1390هـ - 1970م أيّ قبل أول خطة خمسية للمملكة العربيَّة السعوديَّة. والثانية كتاب المستشرق الألماني أوبنهايم (البدو) الذي شمل خرائط ومشجرات للقبائل، ليظهر كل ذلك في إصدارها الأحدث وتحت اسم (معجم البلدان والقبائل في شبه الجزيرة العربيَّة والعراق وجنوبي الأردن وسيناء) في اثني عشر مجلدًا، مقدمة للمكتبة وللوسط العلمي كتابًا واسعًا من حيث التغطية الجغرافية ومن حيث عدد المداخل. فالإصدار الذي دشنه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز في حفل تكريم الفائزين والفائزات بجائزتي الأمير سلمان بن عبد العزيز لدراسات وبحوث تاريخ الجزيرة العربيَّة وجائزة الملك عبد العزيز للكتاب مؤخرًا، سيكون عونًا لصناعة أفكار بحثية جديدة للباحثين والباحثات، وسيصحح الأخطاء في (دليل الخليج)، وبنفس القدر سيكون موضعًا للنقاش والدراسة، كما أن هذا الإصدار بنسخته العربيَّة أتاح الفرصة للتعليق على الأخطاء التي وردت في أصله الإنجليزي فيما يتعلّق بالقبائل والأماكن، وتَمَّ تصحيحها بشكل واضح.
وتقدم دارة الملك عبد العزيز هذا الإصدار بعد أن عرضت مادته على أكثر من سبعين مراجعًا علميًّا من المملكة العربيَّة السعوديَّة وباقي دول الخليج العربيَّة ممن لهم علاقة باختصاص علوم البلدان وشؤون القبائل وتاريخها.
ونوّه المترجم الأستاذ الدكتور عبد الله بن ناصر الوليعي أستاذ الجغرافيا بكلية العلوم الاجتماعيَّة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة ومدير مشروع الموسوعة الشاملة للأسماء الجغرافية في المملكة العربيَّة السعوديَّة الذي تنفذه الدارة إلى أن هذا الكتاب: «ليس مرجعًا في الأنساب، أو شمولية التعريف بالقبائل وأفخاذها، أوفي التعريف بمشايخها أو ذكر مراتبهم» بل هو: «لإتاحة هذه المعلومات مع قدر جيد من التصحيح للباحثين، والتعرف عليها، ونقدها والاستفادة منها» لكن المترجم كتب قبل ذلك: «أن وصفهم ـ يقصد البريطانيين ـ للمنطقة الشرقية وعسير في المملكة العربيَّة السعوديَّة يعد من أجمل ما قرأت، بل لا يوازيه أيّ وصف حتَّى في المؤلِّفات الحديثة».
ويعد هذا الكتاب رافدًا لعدد من المشروعات العلميَّة التي تقوم الدارة بتنفيذها وعلى رأسها مشروع الموسوعة الشاملة للأسماء الجغرافية في المملكة العربيَّة السعوديَّة، ومشروع موسوعة الأطلس التاريخي للمملكة العربيَّة السعوديَّة الذي تقوم الدارة بإعادة إصداره بعد خطة العمل الجديدة التي وضعتها لتنفيذه بطريقة جديدة في الشكل والمضمون والأدوات، كما يظهر الكتاب ذلك التشابه في أسماء المدن والمواقع في الدول العربيَّة التي تطرَّق لها، ويفسر بعض التسميات، ويكشف عن جانب من تاريخها، كما يستطرد في ذكر معلومات إداريَّة واقتصاديَّة للأماكن الحضرية وملامحها الجغرافية.