على عكس ما كان منتظراً، لم تتراجع حدة الانتقادات الموجهة إلى حركة النهضة على خلفية مقترحها القاضي بتوافق التيارات الحزبية على مرشح وحيد للانتخابات الرئاسية حتى وإن كان من خارج الحركة، حيث ازدادت معارضة الأحزاب لهذه المبادرة التي لم تجد من يدعمها حتى من النهضويين ذاتهم، خصوصاً وقد طرح زعيم النهضة الشيخ راشد الغنوشي اسم الباجي قائد السبسي «كمرشح توافقي محتمل».
فأغلب القيادات النهضوية لم تر حرجاً في الخروج عن الصف والتصريح عالياً برفضها آلبات لهذا الترشيح، وقد اعتبر شقٌ كبيرٌ منهم أن السبسي رمز من رموز العهد السابق في كل تفاصيله، مشددين على رفضهم التام لعودة المنظومة السابقة مهما كانت «استعداداتها لإنقاذ البلاد»، على حد تعبير حامد القروي رئيس الحركة الدستورية الوزير الأول الأسبق في حكم بن علي، الذي أكد أن «الدساترة والتجمعيين عائدون لإنقاذ البلاد كما فعلوا دوماً»، وفيما تداولت وسائل الإعلام أسماء لمرشحين آخرين ممن يحلمون منذ الثورة بقصر قرطاج على غرار رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر والرئيس المنصف المرزوقي والقيادي بالحزب الجمهوري نجيب الشابي، والذين برزت أسماؤهم في قائمات المهددين بالاغتيال، لم يتردد ممن لم تطف أسماؤهم على الساحة، في التأكيد بأنهم لن يرفضوا ترشيحهم في حال تم التوافق بشأنهم، متناسين أن هذا التوافق من الصعب تحقيقه حتى صلب أحزابهم بل صلب مكاتبهم التنفيذية. نجيب الشابي الحالم دوماً، حتى منذ أيام حكم بن علي، بكرسي الرئاسة ولا يلقى حرجاً في الإقرار بذلك، أعلن رفضه لهذا المنصب بهذه الطريقة، مؤكداً أن الانتخابات أساس الديمقراطية وأن اختيار رئيس توافقي عام 1989 كان خطأ إستراتيجياً كبيراً وفي المقابل، يتهافت آخرون على خلق معابر اتصال مع قياديين بحركة النهضة علهم يفوزون برضاها ويتبؤون بالتالي أعلى المراكز في مرحلة ما بعد الانتخابات.