من تداعيات الأحداث الدموية المتسارعة في المشهد السياسي العراقي وتجييش أبناء الطائفة الشيعية الكريمة والممثلة للشريك الرئيسي في تراب الوطن العراقي مع أشقائها أبناء الشعب العراقي وعلى اختلاف قومياته وأديانه وجذوره وعودة الزي العسكري للشارع العراقي يرتديه أتباع المالكي وأعضاء حزبه لتلبية نداء الجهاد لسحق وقتل أشقائهم في الوطن تحت غطاء مكافحة الإرهاب الداعشي، ويعود مشهد الزي الأخضر الموحد للعهد البعثي حين كان إلزاماً على الوزراء وقادة البعث ارتداءه.
الشعب العراقي عاش حالة الوحدة الوطنية متآخياً متوحداً منذ إنشاء المملكة العراقية عام 1921م، وكم حاولت القوى الإقليمية والدولية آنذاك تفكيك وحدته الوطنية بدعوى الاختلاف المذهبي والقومي تطبيقاً للقاعدة الاستعمارية (فرق تسد) وباءت مخططاتهم وإغراءاتهم لنشر بذور الفرقة بالفشل والخذلان للرقي الوطني الذي تحلى به أبناء الشعب العراقي آنذاك إثر خروجهم منتصرين في ثورة العشرين الشعبية ضد الاستعمار الانجليزي للعراق التي امتزج في جولاتها الحربية دم الشيعي بالسني في ملحمة وطنية سجلها تاريخ الحركة الوطنية الحديث مثالاً تذكارياً فريداً لتلاحم القوى الوطنية وانبثاق المملكة العراقية كنتيجة لهذا النضال المبارك وزادتهم هذه المخططات الاستعمارية المفرقة قوةً وتماسكاً، وعادت مرةً أخرى هذه المحاولات العازفة على وتر التصادم الطائفي وتلقفتها إيران لاستغلالها في تكوين لوبي كبير وقوي من أنصارها وزرع عناصرها الاستخبارية من اطلاعات في كل المؤسسات الحكومية العراقية وبالذات مكتب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة والقوى الأمنية وأصبح عملاؤها يتمتعون بالنفوذ الأعمق في توجيه القرار السياسي العراقي مما يشكل خدشاً ملحوظاً في السيادة الوطنية العراقية !!
بقايا الدولة العراقية الحاضرة والمنهارة تعيش حالة قلق صعبة وخطرة وتتجه نحو منحدرحاد يقودها إلى النهاية المأساوية نحو نيران الحرب الأهلية مستندة على روح الانتقام الطائفي التي تقودها لشلال من الدماء بدفع تقاتل الإخوة والفائز منهما خاسر يحصد الندم وضياع الدولة ومؤسساتها الوطنية وتتوارث الأجيال القادمة الحقد الطائفي وعارسفك الدماء البريئة وتقسيم البلد الموحد و كل هذه المصائب والنكبات المتوقعة التي يقدمها الشعب العراقي الصابركل هذا من أجل أن يبقى المالكي وحزبه متشبثين بكرسي الحكم ومعه عار الفساد والظلم والتسلط ونهب الثروة الوطنية وكسر الكرامة الوطنية لكل معارضي فشلهم في إدارة الدولة وتحويلها إلى سلطة الشخص الواحد والحزب الطائفي الأوحد وتحجيم أبناء الطائفة الشيعية الكريمة في القوقعة المذهبية وإعلان المالكي وحزبه ممثلاً وحيداً للبيت الشيعي متخطين بغباء ظاهر الحرية الفكرية والسياسية الخلاقة لأبناء هذه الطائفة الكريمة، ومنهم العديد من رواد السياسة و الفكر والفلسفة والأدب سجلوا آثار إنتاجهم في سجل التاريخ السياسي العراقي بصفحات من ذهب تفتخر بها الأجيال السابقة والحاضرة وأهدوا المكتبة العربية تراثاً غالياً لا يقدر بثمن، وكانوا يركزون في طرح أفكارهم ضمن إطار حضاري بعيد كل البعد عن سفه الطائفية المنبوذ، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الشيخ محمد الصدر رئيس الوزراء ورئيس مجلس الأعيان وعضو مجلس الوصاية الأعلى والوطني الكبير عبدالمحسن أبوالتمن رئيس حزب الاستقلال والمحامي صالح جبر رئيس الوزراء الأسبق والدكتور فاضل الجمالي السياسي المخضرم رئيس الوزراء والمعلم السياسي للملك فيصل الثاني رحمه الله واللواء ناجي طالب رئيس الوزراء والفيلسوف الاجتماعي الحائز على جائزة النسر الأمريكي الدكتورعلي الوردي ومؤسس حزب البعث فؤاد الركابي وغيرهم كثيرون من الأدباء والمفكرين والساسة الوطنيين كل هذه الكوكبة الفكرية الفذة يحاول المالكي اختزالها بشخصه تحت جلبابه الطائفي !!!!!!
الشعب العراقي الثائرلا يهدأ ولا ينهي عصيانه المسلح إلا إذا تحققت مطالبه بالتغيير والإصلاح الجذري واستبباب الأمن، فقد طال صبره على ضياع حقوقه وغربته في وطنه وفقدان كرامته الوطنية وإهانة علمه وجيشه وسيادة وطنه ونهب أمواله العامة وحرمانه من أبسط مظاهر العيش الكريم واختراق سيادة دولته بالتدخلات الإقليمية والدولية، وما إعلان الرئيس الإيراني السيد روحاني بإرسال قوات من الحرس الثوري الإيراني للعراق بقصد حراسة وحماية المراقد الدينية لآل البيت مخترقاً السيادة الوطنية للدولة العراقية وحقها في حماية المراقد المنتشرة في كل الوطن العراقي، ومن واجب الحكومة الوطنية حراستها وحماية زائريها وتعالت الاحتجاجات من الكتل السياسية المعارضة لهذا الانتهاك الإيراني. أما حكومة المالكي فالتزمت الصمت الخائف!!
إنقاذ الدولة العراقية من مخاطر الحرب الأهلية وشبح التقسيم الثلاثي واستمرار وحدة أراضيها يتركز في إسقاط حكومة المالكي وتشكيل حكومة إنقاذ وطني معتمدة على أسس الوفاق السياسي.
ومن الأسماء المرشحة لمنصب رئيس الوزراء السادة طارق نجم عن كتلة دولة القانون والدكتور عادل المنتفكي والسيد جعفر الصدر من التحالف الوطني وكلهم يحظون برضى الجانب الإيراني والإدارة الأمريكية. وتضع الوزارة الجديدة في أولوياتها تحقيق حوار وطني يجمع كل الكتل السياسية بالمعارضة الممثلة بقيادة الثورة الشعبية من أجل تشكيل الحكومة القادمة من مجمل أطياف الشعب العراقي المختارة بعناية فائقة من شخصيات عرفت بنزاهة اليد وتمييز بوطنيتها وحبها لشعبها، ويكون من أهداف الوزارة الجديدة السعي لتحقيق المصالحة الوطنية وغلق حالة اجترار أحداث الماضي القريب والبعيد والمؤثرة سلبياً على وحدة وتكاتف أبناء الشعب العراقي على كنس الحضور المليشي الطائفي وإرهاب داعش وأخواتها من الساحة العراقية وتحريم الفتنة الطائفية والاعتماد على شرف المواطنة والعمل الجاد لترميم البيت العراقي وإصلاح اقتصادياته من الداخل والابتعاد عن المحاور الإقليمية والدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للجوار الإقليمي ووضع خطة جادة وصادقة لتحسين العلاقات السياسية والاقتصادية بدول الجوار الإسلامي والعربي، ومن أجل تحقيق المنافع الوطنية العليا للعراق وتثبيت سلطة القانون وحرية القضاء واستقلال القرار السياسي الرسمي خدمةً لمصلحة الشعب والسيادة العراقية والعودة المرحب بها للبيت العربي الكبير ليشارك أشقاءه في قضاياهم المصيرية كما كان فاعلاً شجاعاً قبل غمامة الغزو الأنكلو أمريكي بتعاون ومشاركة جارته الإسلامية إيران.